فهرس الكتاب
الصفحة 18 من 393

الأمر، وهذا من المحذورات الكبار أن يُظن بأهل الفجور خيرا. اهـ [1]

وهذا الكلام النفيس نسوقه إلى من يتهاونون بشأن الكلام في مسائل الإيمان والكفر، ويقولون: لا يضرنا شيء إن لم نعرفها، ولم نتكلم فيها.

ولذلك تجدهم كثيرا ما يقعون فيما قال عنه ابن كثير رحمه الله فساد عريض، وهو ظنهم بأهل الكفر والفجور خيرا، وذلك بناء على الحكم لهم بالإسلام والتقوى، وهم يظنون مع ذلك أنهم يحسنون صنعا، وأنهم يبعدون أنفسهم عن أعراض الناس، ولا يدرون أنهم وقعوا بذلك فيما هو أخطر وأطم وذلك من ظنهم خيرا بأهل الفجور.

ولو سكت الناس عن بيان خطأ من أخطأ، وضلال من ضل لفضله أو لعبادته أو لعلمه أو لأنه معذور عند الله تعالى، لما أُحق حق ولا أُبطل باطل في الدنيا.

ومن أراد زيادة بيان على صحة الكلام فيمن أخطأ من الرجال وتعيينه - وكل ذلك نصحا لله تعالى ولدينه وللمسلمين - فأنا أحيله على كتب الجرح والتعديل، فهي مشحونة بالكلام على الضعفاء والمتروكين من رواة الحديث بألفاظ شديدة، وبيان أحوالهم وذكرهم بأسمائهم، وإن كانوا من أهل الزهد والعبادة والورع.

ولا يتحرج أحد من العلماء من ذكر هؤلاء بأسمائهم وألقابهم وما عُرف عنهم من أوجه الضعف بحجة أن ذلك من الغيبة الممنوعة، فليس ذلك من الغيبة الممنوعة في شيء، بل هذا من النصح الواجب للمؤمنين.

ولا مانع من تعيين شخص المخطئ من العلماء، أو الضال من المبتدعة إذا اقتضت النصيحة ذلك.

ومن هذا الباب ما نحن فيه من بيان خطأ بعض الفرق التي تنتسب إلى الملة وإلى هذا الدين، ولكن لما كان ما أتوه من البدعة أو المخالفة قد عُرف عنهم واشتهر، كان من أراد بيان الحق فيما تكلموا فيه في حل من ذكرهم بما قد يكرهونه أو يكرهه أتباعهم،

(1) تفسير ابن كثير، ج 1/ 74، ط دار الفكر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام