فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله، ومن عُلِم منه الاجتهاد السائغ فلا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم له. اهـ [1]
وقال ابن القيم رحمه الله: والفرق بين النصيحة والغيبة: أن النصيحة يكون القصد فيها تحذير المسلم من مبتدع أو فتان أو غاش أو مفسد إلى قوله رحمه الله:
فإذا وقعت الغيبة على وجه النصيحة لله ورسوله وعباده المسلمين فهي قربة إلى الله من جملة الحسنات. اهـ [2]
قلت: مما سبق يتبين أنه يجوز بل يجب في بعض الحالات ذكر بعض الناس بما قد يكرهونه من الأوصاف والألقاب إذا كان ذلك على سبيل النصح للمسلمين ونحذيرهم مما فيه شرهم في الدين والدنيا.
ومن هذا الباب بيان ضلال من ضل، وزيغ من زاغ، وخطأ من أخطأ في مسائل الدين، وخاصة ما كان في أصوله.
وقد يكون الرجل الذي يُتكلم فيه من أهل الزهد والعبادة والورع والفضل، فلا يمنع ذلك من بيان ما أخطأ فيه من المسائل حتى لا يغتر بقوله أحد.
وانظر إلى قول ابن تيمية رحمه الله تعرف أهمية ذلك وأن هذا البيان قد يجب في كثير من الحالات، وإن كان فيه ذكر لبعض عيوب الناس ومساوئهم.
ولذلك قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} [3] ، قال:
ولهذا نبه الله سبحانه على صفات المنافقين لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون، فيقع بذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم وهم كفار في نفس
(1) مجموع الفتاوى، ج 28/ 233.
(2) الروح لابن القيم/ 322، ط مكتبة المدني.
(3) سورة البقرة، الآية: 8.