فهرس الكتاب
الصفحة 174 من 393

وقال ابن حجر رحمه الله: وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لأسامة: (هلا شققت عن صدره) ، وقال للذي ساره في قتل رجل: (أليس يصلي) قال: نعم، قال - صلى الله عليه وسلم: (أولئك الذين نُهيت عن قتلهم)

وسيأتي قريبا أن في بعض طرق حديث أبي سعيد أن خالد بن الوليد لما استأذن في قتل الذي أنكر القسمة وقال: كم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال - صلى الله عليه وسلم: (إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس) أخرجه مسلم والأحاديث في ذلك كثيرة. اهـ [1] .

وقال ابن حجر في شرح هذا الحديث: وفيه أن أمور الناس محمولة على الظاهر، فمن أظهر شعائر الدين أجريت عليه أحكام أهله ما لم يظهر منه خلاف ذلك. اهـ [2] .

قلت: ومما سبق من كلام العلماء يظهر أن أحكام الدنيا لا تكون أبدا إلا على الظاهر، وأن من تكلف الحكم على الباطن، أو أوقف الحكم عليه حتى يتبين منه، فقد تكلف خلاف الكتاب والسنة، وخالف ما عليه علماء الأمة.

ويفيدنا هذا في بابين عظيمين وهما: الحكم بثبوت الإسلام بالعمل الظاهر دون البحث عن السرائر وعما في القلوب خلافا لأهل التوقف غير المشروع، فإن من أظهر الإسلام فإنه يُحكم له به دون إيقاف ذلك عما في القلب من أقوال وأعمال.

ويفيدنا كذلك في باب الحكم بثبوت الكفر على من قاله أو فعله دون إيقاف ذلك على ما في القلوب أيضا، خلافا لمن قال بذلك من الجهمية والمرجئة القدامى أو جهمية ومرجئة العصر الحديث ومن قال بقولهم، وهو ما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه والرد على قائله في مسألة قصد الكفر في الباب الخامس.

(1) فتح الباري ج 12/ 173.

(2) فتح الباري ج 1/ 497.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام