فهرس الكتاب
الصفحة 163 من 393

الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب) [1] .

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده، وقول أبي هريرة تقريب وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن بيانا.

فإن الملك وإن كان صالحا فالجُند لهم اختيار قد يعصون به ملكهم وبالعكس، فيكون فيهم صلاح مع فساده أو فساد مع صلاحه، بخلاف القلب فإن الجسد تابع له لا يخرج عن إرادته قط كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد) .

فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الأعمال علما وعملا قلبيا لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق.

كما قال أئمة الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد، ولهذا قال من قال من الصحابة عن المصلي العابث: لو خشع هذا لخشعت جوارحه. اهـ [2]

وقال أيضا رحمه الله: يُقال عن أحوال القلب وأعماله ما يكون من لوازم الإيمان الثابتة فيه بحيث إذا كان الإنسان مؤمنا لزم ذلك بغير قصد منه ولا تعمد، وإذا لم يوجد دل على أن الإيمان الواجب لم يحصل في القلب.

وهذا كقوله تعالى {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم ... } الآية.

فأخبر أنك لا تجد مؤمنا يواد المحادين لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن نفس الإيمان ينافي

(1) رواه البخاري ومسلم بألفاظ متقاربة عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.

(2) مجموع الفتاوى ج 7/ 187.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام