فهرس الكتاب
الصفحة 151 من 393

الخطابي: في الحديث أن من أظهر الإسلام أجريت عليه أحكامه الظاهرة، ولو أسرَّ الكفر في نفس الأمر.

ومحل الخلاف إنما هو فيمن اطلع على معتقده الفاسد فأظهر الرجوع هل يقبل منه أو لا؟ وأما من جُهل أمره فلا خلاف في إجراء الأحكام الظاهرة عليه، انتهى.

ويدل أيضا على صحة هذا الفهم ما نقلناه سابقا من قوله رحمه الله فيمن أقر؛ وأنه يحكم له بالإسلام، ولا يُتصور ما فهموه من كلامه وإلا فما المقصود من قوله: فمن أقر أجريت عليه الأحكام في الدنيا.

وقوله رحمه الله ولا يلزم من الذي ذكرته الحكم بإسلام من اقتصر على ذلك - أي لا إله إلا الله - وإجراء أحكام المسلمين عليه، بل لابد من التلفظ بالشهادتين على تفاصيل في ذلك بين أهل الكتاب وغيرهم، واضح في أنه اعتبر التلفظ بالشهادتين كافيا في الحكم بالإسلام على من نطق بها، ولم يشترط اختبار حاله كما اشترط هؤلاء.

وقال رحمه الله في شرح حديث أنس المتواتر (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) : وفيه أن أمور الناس محمولة على الظاهر، فمن أظهر شعائر الدين أجريت عليه أحكام أهله ما لم يظهر منه خلاف ذلك. اهـ [1] .

ومن هنا يتبين فساد استدلال أهل التوقف بكلام الحافظ رحمه الله، والواجب حمل كل كلام على محله الذي يليق به والله تعالى أعلم.

ويوضح ما قلناه ما ورد في كلام الجصاص رحمه الله في تفسير قوله تعالى {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ... } الآية، حيث قال رحمه الله:

رُوي أن سبب نزول هذه الآية أن سرية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لقيت رجلا ومعه غنيمات فقال: السلام عليكم، لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقتله رجل من القوم، فلما رجعوا

(1) فتح الباري، ج 1/ 497.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام