فهرس الكتاب
الصفحة 13 من 393

وذكروا رحمهم الله في كتبهم كثيرا من أمور الجرح والتعديل حسبة لله تعالى، ونصحا للأمة، دون أن يكون للنفس في ذلك نصيب.

والنصيحة كلمة جامعة معناها: حيازة الحظ للمنصوح له، وهو من وجيز الأسماء، وليس في كلام العرب كلمة مفردة يُستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة.

وقيل النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، وقيل إنها مأخوذة من نَصَحتُ العسل إذا صفيته من الشمع.

والنصيحة لله تعالى معناها منصرف إلى الإيمان به ونفي الشريك عنه، وترك الإلحاد في صفاته ووصفه سبحانه بصفات الكمال والجلال، وتنزيهه عن جميع النقائص، والقيام بطاعته واجتناب معصيته، والحب فيه والبغض فيه، وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه وجهاد من كفر به، والاعتراف بنِعَمِه وشكره عليها، وكل ذلك مع العلم بأن الله تعالى غني عن عباده، وإنما يرجع فائدة كل هذا إلى العبد نفسه

وأما النصيحة لكتاب الله: فالإيمان بأنه كلام الله المنزل لا يشبه شيئا من كلام الخلق، ثم تعظيمه وتلاوته وإقامة حروفه وتعلم أحكامه والقيام بها وحفظ حدوده، والعمل بمحكمه والإيمان بمتشابهه، والذب عنه وردُّ تأويل المبطلين.

وأما النصيحة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم: فتصديقه فيما أخبر به والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى، ونصره حيا بالجهاد معه والذب عن حرمته، وميتا بالذب عن سنته وعرضه، وتوقيره حيا وميتا، وحب آل بيته وأصحابه الكرام - رضي الله عنهم -.

وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به، ونصيحتهم برفق ولطف بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين أو المنكرات الكائنة بين الناس، وتألف قلوب الناس حولهم، والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم وترك الخروج عليهم.

هذا والمراد بأئمة المسلمين من يقوم بأمر الدين من أصحاب الولايات، ولا ينصرف

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام