يقول الإمام الحسن البصري: (( أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم ) ). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (( ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي ) ). ، وقال حكيم: (( من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه ) )، حدث الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى قال: دخلت على أبي الريحان البيروني وهو يجود بنفسه ، وقد حشرج نفسه وضاق به صدره وقد بلغ من العمر ثمانٍ وسبعين سنة . فسأل البيروني وهو في حالة النزع تلك علي بن عيسى في مسألة فقهية ، فأشفق عليه وقال: أفي هذه الحالة وأجابه البيروني: ياهذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ، الا يكون خيراً من أن أُخليها وأنا جاهل بها ، وأخذ المسألة ووعاها ، ثم يقول ابن عيسى: خرجت من عنده وانا في الطريق سمعت الصراخ . اما الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي فكان يقول: إني لايحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى لإذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد ما كنت أجده وأنا ابن عشرين . وأنا اقصر بغاية جهدي وقت أكلي حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ توفراً علي مطالعة أو تسطير فائدة لم أدركها فيه ، وإن أجَّل تحصيل عند العقلاء باجماع العلماء هو الوقت . وكان ابن الجوزي رحمه الله يستغل الوقت الذي يزوره فيه الناس في بري الأقلام وتقطيع الورق .
أيها الأحبة في الله لايفهم مما مضى أن الإنسان يجب أن يكون في عمل مستمر كالآلة الصماء ، وإنما المقصود هو أن يكون هناك تنظيم للوقت ، ويمكن أن يكون الأساس في ذلك ماورد في صحف إبراهيم عليه السلام: (( ينبغي للعاقل مالم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر في صنع الله ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب ) )رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد . وكما وجه النبي صلى الله عليه وسلم حنظلة فقال: (( ساعة وساعة ) )وليست كما يفهما اليوم بعض الناس بأنها ساعة للمعصية وساعة للطاعة ، بل هي وقت للجد والعمل والطاعة والعبادة وساعة لملاعبة الأهل والأولاد والاهتمام بأمور المعاش المباحة .
الشكوى تكثر في الإجازة الصيفية من الفراغ ، ويحتار الشباب في كيف يقضون أوقاتهم ، في هذه الفترة ينبغي على الأباء والمربين أن يضعوا الخطط المناسبة لشغل فراغ الشباب بما يناسبهم حتى لاينجرفوا عياذاً بالله نحو الإنحراف ، ولابد لهذه الخطة أن تشمل الجوانب الإيمانية ، والفكرية ، وتنمية المهارات الفردية ... الخ .