فهرس الكتاب
الصفحة 442 من 477

فأمره الله بأن يؤذن فى الناس بالحج ، فأذن وأتوه من كل فج عميق ، وعمر المكان وازدهر وسيظل كذلك إلى يوم الدين . وهذا الكسب يكون حلالا إذا لم يكن فيه ضرر سواء أكان هذا الضرر من السائحين أو من الجهة التى يزورونها ، وسواء أكان الضرر ماديا أم أدبيا ، فقد يكون بعضهم جواسيس أو أصحاب فكر أو سلوك شاذ يريدون نشره ، وهنا يجب منع الضرر، فمن القواعد التشريعية: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح . ومن تطبيقات هذه القاعدة قديما ، إعلان أبى بكر رضى الله عنه وكان أميرا للحج فى السنة التاسعة من الهجرة ألا يحج بعد العام مشرك ، وقد كان العرب يحرصون على الحج من أجل التجارة والمكاسب المادية وكان أهل مكة يستفيدون من ذلك كثيرا ويقومون بتسهيلات كثيرة للحجاج ، وأنشئوا خدمات ثابتة من أجل ذلك كالسقاية والرفادة كانوا يتنافسون فيها ويتوارثونها فحرم الإسلام على أهل مكة تمكين المشركين من الحج على الرغم من ضياع الكسب المادى أو الرواج التجارى أو الانتعاش الاقتصادى الذى كانوا يفيدون منه وذكر أن الله سيعوضهم خيرا مما فاتهم بسبب هذا الخطر، وجاء فى ذلك قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء الله إن الله عليم حكيم } التوبة: 28 .

قال المفسرون: لما منع المسلمون الكافرين من الموسم وكانوا يجلبون الأطعمة والتجارات قذف الشيطان فى قلوبهم . الخوف من الفقر وقالوا: من أين نعيش ؟فوعدهم الله أن يغنيهم من فضله . قال عكرمة:

أغناهم الله بإدرار المطر والنبات وخصب الأرض ، فأخصبت بتَالة وجُرَش -بلدان باليمن فيهما خصب -وحملوا إلى مكة الطعام وكثر الخير وأسلمت العرب ، أهل نجد وصنعاء ، فكثر حجهم وازدادت تجارتهم وأغنى الله من فضله بالجهاد والظهور على الأمم .

والواجب أن توضع قوانين لتنظيم السياحة منعا لما يكون فيها من ضرر، وأملا فى زيادة ما يكون وراءها من خير

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام