فهرس الكتاب
الصفحة 290 من 477

ينبغي للمسافر أن يغتنم سفره، يدعو لنفسه وآبائه وأهله ومن يحب وأن يجتهد في ذلك، ويتحرى الدعاء الجامع، مع الإلحاح والخضوع فللمسافر دعوة مستجابة فلا ينبغي التفريط فيها. روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي: - صلى الله عليه وسلم - قال:"ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم" [رواه أبو داود، وحسنه الألباني] .

دعاء نزول المنزل:

قد يحتاج المسافر إلى النزول من مركوبه، للنوم، أو الأكل، أو قضاء الحاجة، والبرية فيها من الهوام والسباع والشياطين ما الله به عليم، فكان من نعمة الله علينا أن شرع لنا على لسان نبينا: - صلى الله عليه وسلم - ، دعاءً نقوله يحفظنا ـ بإذن الله ـ من شر كل مخلوق. فعن خولة بنت حكيم السُلمية رضي الله عنها ، قالت: سمعت رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك". [رواه مسلم] .

استحباب الاجتماع عند النزول وعند الأكل:

جعل الله في الاجتماع القوة والعزة والمنعة والبركة، وجعل في التفرق الوهن والضعف وتسلط الأعداء ونزع البركة. والقوم إن كانوا يسافرون جميعاً استحب لهم أن يجتمعوا في مكان نزولهم ومبيتهم، وكذا يجتمعون على أكلهم لتحصل البركة لهم .

أما الاجتماع عند النزول: فقد روى أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم -:"إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان. فلم ينزل بعد ذلك منزلاً إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال لو بسط عليهم ثوب لعمهم" [رواه أبو داود وصححه الألباني] .

والاجتماع على الطعام تحصل به البركة والزيادة، فعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده: أن أصحاب رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال:"فلعلكم تفترقون"قالوا نعم. قال:"فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه" [رواه أبو داود، وحسنه الألباني] .

رخص السفر:

من قواعد الشريعة (المشقة تجلب التيسير) ولما كان السفر قطعة من العذاب؛ لقوله: - صلى الله عليه وسلم - السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه، ونومه، فإذا قضى نهمته فليجعل إلى أهله"، رتب الشارع ما رتب من الرخص، حتى ولو فُرِضَ خَلُّوه عن المشاق؛ لأن الأحكام تعلَّق بعللها العامة، وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد فالحكم الفرد يُلحق بالأعم، ولا يفرد بالحكم، وهذا معنى قول الفقهاء رحمهم الله:"النادر لا حكم له"يعني لا ينقص القاعدة ولا يخالف حكمه حكمها، فهذا أصل يجب اعتباره، فأعظم رخص السفر وأكثرها حاجة ما يلي:"

1ـ القصر؛ ولذلك ليس للقصر من الأسباب: غير السفر؛ ولهذا أضيف السفر إلى القصر لاختصاصه به، فتقصر الرباعية من أربع إلى ركعتين .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام