فهرس الكتاب
الصفحة 134 من 477

وهنا نخاطب إخواننا الدعاة قائلين: إذا كان لا يسوغ لنا التوسع في فعل المباح في بعض الأوقات، فكيف يسوغ لنا الإقدام على فعلٍ، أقل ما يقال فيه، أنه من المشتبهات المفضية إلى الحرام؟! قال الأوزاعي رحمه الله: (كنا نمزح ونضحك فلما صرنا يقتدى بنا , خشيت ألا يسعنا التبسم) - سير أعلام النبلاء (7/132) - و قال ابن القيم في مدارج السالكين (2/26) : ( قال لي يوماً شيخ الإسلام-قدس الله روحه-في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية وإن لم يكن تركه شرطاً في النجاة ) .

فنصيحتي لهؤلاء الدعاة أن يعيدوا النظر في أسفارهم تلك، وليتذكروا أن ثمَّت من يقتدي بهم، وربما قلدهم في أفعالهم وتصرفاتهم، وأنهم بتصرفهم هذا يسيئون لأنفسهم، ولأبنائهم وبناتهم، ولدعوتهم ولطلابهم ومن يقتدي بهم، وليبحثوا عن بدائل تتناسب مع مقامهم الذي وضعهم الله فيه، وهي كثيرة ومتوفرة ولله الحمد.

وأخيراً قد يقول بعض هؤلاء إنَّ حجم التغيرات التي تشهدها الساحة تتجاوز الحديث في مثل هذه الموضوعات ، ففلسطين محاصرة، والعراق يحترق، وأفغانستان تُدَمَّر، وأنت تتحدث عن ظواهر سلبية عند بعض الدعاة وعن سفرهم للسياحة ، فأقول أولاً: إن كان الأمرُ كذلك -وهو كذلك- فكيف يسوغ لكم السفر للسياحة والنزهة وصرف الأموال فيها؟!، أما كان الأولى صرفها لرفع الحصار، وإخماد الحرائق، وبناء ما دُمِّر؟، ثم ثانياً: الآن فلسطين محاصرة والعراق يحترق وأفغانستان تدمَّر، نترك دعاتنا و أبناءنا تحاصرهم الشهوات، وتحرقهم الشبهات، وتدمرهم التنازلات ، أم نسعى لإنقاذ هؤلاء وهؤلاء؟!

والله من وراء القصد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام