فهرس الكتاب
الصفحة 109 من 477

أيها الإخوة المؤمنون! اسمحوا لي أن أعالج الموضوع من خلال زاوية أخرى، مع أن هذه الزاوية العظيمة السابقة زاوية لها أثر تربوي عظيم في حياة الإنسان على مختلف أحواله وعمره.

اسمحوا لي أن أنتقل إلى معالجتها من خلال زاوية أخرى تعود نتائجها إلى نفس الموضوع، المقارنة بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة، فأقول: إن الملاحظ على كثير منا فيما يتعلق بأولادنا ذكوراً وإناثاً هو تركيزنا على جانب واحد، وإهمال جانب آخر له أهمية كبرى، والجانب الذي نركز عليه ونعول عليه فيما يتعلق بأولادنا ودراستهم هو: الجانب العلمي المعرفي فقط. وأهم مظاهر هذا التركيز ما يلي:

أولاً: التركيز والتأكيد باستمرار على الشهادة ومستوى الطلاب فيها، فأهم شيء لدينا هو التفوق علمياً.

ثانياً: كون هذا الجانب هو المعول عليه في تقويم الطلاب لدى أهلهم وأسرهم، ولدى بقية المجتمع.

ثالثاً: حصر مهمة التعليم في جميع مراحله تقريباً بهذا الجانب، ويتم هذا بنسبة كبيرة أبدت أحياناً إلى إهمال الجوانب الأخرى، أو إضعافها بشكل كبير.

رابعاً: انتهى الأمر إلى أن أهم شيء لدى الشباب والشواب، ولدى أهلهم ومعارفهم هو النجاح في الامتحان ونيل الشهادة، وصار هذا هو المقياس، فكم من شاب يعتبر ناجحاً في الحياة؛ لأنه متفوق دراسياً، وإن كان يحمل مع ذلك أفكاراً فاسدة تناقض دينه، أو أخلاقاً رديئة لا يقبلها دين ولا خلق، ولما تحول الأمر إلى هذا المقياس، وصار التفوق العلمي والنجاح في الشهادة هو الذي يدندن عليه الجميع؛ حتى تحول إلى أن يكون هو القضية الكبرى عاطفياً لدى الابن والبنت، ولدى الأسرة، ولدى جميع الناس. ولما كان الأمر كذلك تحول إلى إضعاف الجانب الآخر في حياة أولادنا، ألا وهو الجانب التربوي، ونعني بشكل أخص: التربية على العقيدة والمنهج والخلق الإسلامية.

نحن نستقبل الإجازة الصيفية ذات الأثر العميق على أحوال وأخلاق أبنائنا جميعاً، فأدعوكم إلى التفكير جيداً في هذه القضية، وأهم ما يواجهه أبناؤنا تربوياً في هذه الأيام، ويشتد الأمر في وقت الإجازة ما يلي:

أولاً: البث المباشر الذي غزا كثيراً من البيوت، وهذا البث المباشر نوعان:

النوع الأول منه: تلفزيوني؛ حيث تنوعت المحطات العالمية الموجهة إلينا، وهي: محطات -بسبب قدراتها وبسبب دعمها- مختلفة التخصصات، منها: الفنية، والرياضية، بل والإباحية الخالصة، والتنصيرية، والمحطات الجادة -إن وجدت- لا تخلو من فواصل دعائية تحمل في طياتها ما عند الغرب من إباحية وأخلاق فاسدة، وهذا البث المباشر له أثر غائر وعميق على بيوتنا وأسرنا، وكم من فتى أو فتاة تحول منهج حياته الخلقي بسبب سهرة في ليلة واحدة على هذه المحطات.

النوع الثاني من البث المباشر: الإذاعي، فهناك محطات تنصيرية خالصة موجهة إلينا بشكل واضح وقوي، وتبث على مدار الساعات، وهناك محطات أخرى تجلب كل ما أنتجه العالم العربي والغربي من أقصاه إلى أقصاه من أغانٍ ماجنات، ومسلسلات مغرية؛ بحيث أدت إلى أن يتجه كثير من الناس إليها تاركين لغيرها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام