فهرس الكتاب
الصفحة 82 من 335

العبد في توحيد الربوبية ثم يرقى منه صاعداً إلى توحيد الإلهية، فإنه إذا تيقن ذلك لم يتخذ سواه سبحانه إلهاً ومعبوداً، فأوّل ما يتعلق القلب يتعلق بتوحيد الربوبية ثم يرتقي إلى توحيد الإلهية كما يدعو الله سبحانه عباده في كتابه بهذا النوع من التوحيد إلى النوع الآخر ويحتجُّ عليهم به ويقرّرهم به ثم يخبر أنهم ينقضونه بشركهم به في الإلهية.

قال الله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [الزخرف: 87] : أي فأين يصرفون عن شهادة أن لا إله إلا الله وعن عبادته وحده وهم يشهدون أنه لا رب غيره ولا خالق سواه، وقال تعالى: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [المؤمنون: 84 - 85] ، فتعلمون أنه إذا كان هو وحده مالك الأرض ومن فيها وخالقهم وربهم ومليكهم فهو وحده إلههم ومعبودهم فكما لا رب لهم غيره فهكذا لا إله لهم سواه، وفي هذا احتجاج عليهم بأن من فعل لهم هذا وحده فهو الإله لهم وحده، فإن كان معه رب فعل هذا فينبغي أن تعبدوه وإن لم يكن معه رب فعل هذا فكيف تجعلون معه إلهاً آخر (1) .

وهذا من أبين ما يكون دلالةً على فساد الشرك وما عليه أهله من السفه والضلال، تعالى الله عما يشركون.

(1) انظر:"مدارج السالكين"لابن القيم (1/ 410 - 412) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام