فهرس الكتاب
الصفحة 80 من 335

المصوِّر الحيُّ القيُّوم العليم السميع البصير المحسن المنعم الجواد، المعطي المانع، الضار النافع، المقدِّم المؤخِّر، الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ويسعد من يشاء ويشقي من يشاء، ويعزُّ من يشاء ويذلُّ من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقُّه من الأسماء الحسنى" (1) . أهـ."

وذلك أن من يُمعن النظر في هذا الاسم ويتأمّل في دلالته يشهد"قيوماً قام بنفسه، وقام به كل شيء، فهو قائم على كلِّ نفس بخيرها وشرِّها، قد استوى على عرشه، وتفرّد بتدبير ملكه، فالتدبير كلّه بيديه، ومصير الأمور كلها إليه، فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده على أيدي ملائكته بالعطاء والمنع، والخفض والرّفع، والإحياء والإماتة، والتوبة والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب، وإغاثة الملهوفين، وإجابة المضطرين (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29] . لا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما منع، ولا معقِّب لحكمه، ولا رادّ لأمره، ولا مبدّل لكلماته، تعرج الملائكة والرّوح إليه، وتعرض الأعمال أوّل النهار وآخره عليه، فيقدّر المقادير، ويوقت المواقيت، ثم يسوق المقادير إلى مواقيتها قائماً بتدبير ذلك كله وحفظه ومصالحه" (2) .

وربوبية الله للعالمين تشمل العالم كله، فهو الذي رَبَّى جميع المخلوقات بنعمه وأوجدها بمشيئته وقدرته، وأمدها بما تحتاج إليه، أعطى كل شيء خلقه اللائق به، ثم هدى كل مخلوق لما خلق له، وأغدق على عباده النعم، ونماهم وغذَّاهم وربَّاهم أكمل تربية.

وتربيته سبحانه وربوبيته تعالى نوعان:

ربوبية عامة تشمل كل مخلوق بَرّاً أو فاجراً، مؤمناً أو كافراً، سعيداً أو شقيّاً، مهتدياً أو ضالاً، وهي تربيته لهم أجمعين بالخلق والرزق، والتدبير والإنعام،

(1) "بدائع الفوائد" (2/ 212) .

(2) "كتاب الصلاة" (ص/173) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام