فهرس الكتاب
الصفحة 834 من 1408

فهذه الأشياء إذا اتخذها الإنسان بقصد العبادة صارت عبادة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) (1) .

وقال العلماء: إن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، وقالوا: الوسائل لها أحكام المقاصد، وهذا أمر متفق عليه.

(ف) : قوله تعالى: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا } الآية. قال في شرح المنازل: أخبر تعالى أن من أحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى فهو ممن اتخذ من دون الله أنداداً، فهذا ند في المحبة لا في الخلق والربوبية، فإن أحداً من أهل الأرض لا يثبت هذا الند، بخلاف ند المحبة. فإن أكثر أهل الأرض قد اتخذوا من دون الله أنداداً في الحب والتعظيم. ثم قال تعالى:"والذين آمنوا أشد حبا لله"وفي تقدير الآية قولان:

أحدهما: والذين آمنوا أشد حباً لله من أصحاب الأنداد لأندادهم وآلهتهم التي يحبونها ويعظمونها من دون الله .

وروى ابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى:"يحبونهم كحب الله"مباهاة ومضاهاة للحق بالأنداد"والذين آمنوا أشد حباً لله"من الكفار لأوثانهم. ثم روى عن ابن زيد قال: هؤلاء المشركون أندادهم آلهتهم التي عبدوا مع الله يحبونهم كما يحب الذين آمنوا الله ، والذين آمنوا أشد حباً لله من حبهم آلهتهم. انتهى.

والثاني: والذين آمنوا أشد حباً لله من المشركين بالأنداد لله، فإن محبة المؤمنين خالصة، ومحبة أصحاب الأنداد قد ذهبت أندادهم بقسط منها، والمحبة الخالصة أشد من المشتركة. والقولان مرتبان على القولين في قوله تعالى:"يحبونهم كحب الله"فإن فيها قولين أيضاً:

أحدهما: يحبونهم كما يحبون الله . فيكون قد أثبت لهم محبة الله . ولكنها محبة أشركوا فيها مع الله تعالى أندادهم.

(1) البخاري: كتاب بدء الوحي/ باب كيف كان بدء الوحي، حديث (1) ، ومسلم: كتاب الإمارة / باب قوله - صلى الله عليه وسلم - (إنما الأعمال بالنيات …) حديث (1907) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام