(تم) : فمحبة العبادة هي: المحبة التي تكون في القلب، يكون معها الرغب والرهب، والطاعة، والسعي في مراض المحبوب والبعد عما لا يحب المحبوب، والموحد لم يوحد الله إلا بسبب ما وقر في قلبه من محبة الله -جل وعلا-؛ لأنه استدل بربوبية الله -جل وعلا- وأنه الخالق وحده، وأنه ذو الملكوت وحده، وأنه ذو الفضل والنعمة على عباده وحده وأنه محبوب، وأنه يجب أن يحب، وإذا أحب العبد ربه، فإنه يجب عليه أن يوحده بأفعال العبد حتى يكون محبا له على الحقيقة.
لذلك نقول: المحبة التي هي من العبادة هي المحبة التي يكون فيها اتباع للأمر واجتناب للنهي ورغب ورهب؛ ولهذا قال طائفة من أهل العلم: المحبة المتعلقة بالله ثلاثة أنواع:
محبة الله على النحو الذي وصفنا وهذا نوع من العبادات الجليلة، ويجب إفراد الله -جل وعلا- بها.
محبة في الله ، وهو أن يحب الرسل عليهم الصلاة والسلام وأن يحب الصالحين في الله ، وأن يحب في الله ، وأن يبغض في الله .
محبة مع الله وهذه محبة المشركين لآلهتهم، فإنهم يحبونها مع الله -جل وعلا- فيتقربون إلى الله رغبا ورهبا نتيجة محبة الله ويتقربون إلى الآلهة رغبا ورهبا نتيجة لمحبتهم لتلك الآلهة، ويتضح المقام بتأمل حال المشركين وعبدة الأوثان وعبدة القبور في مثل هذه الأزمنة، فإنك تجد المتوجه لقبر الولي في قلبه من محبة ذلك الولي وتعظيمه ومحبة سدنة ذلك القبر ما يجعله في رغب ورهب، وفي خوف وطمع وفي إجلال حين يعبد ذلك الولي، أو يتوجه إليه بأنواع العبادة لأجل تحصيل مطلوبه، فهذه هي محبة العبادة التي صرفها لغير الله -جل وعلا- شرك أكبر به، بل هي عماد الدين، بل هي عماد صلاح القلب، فإن القلب لا يصلح إلا بأن يكون محبا لله -جل وعلا-، وأن تكون محبته لله -جل وعلا- أعظم من كل شيء، فالمحبة التي هي محبة الله وحده يعني: محبة العبادة هذه من أعظم أنواع العبادات، وإفراد الله بها واجب.