الخامسة: قوله: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) بسبب نزول النعمة. أي: إن الناس ينقسمون عند نزول النعمة إلى مؤمن بالله وكافر به، وقد سبق بيان حكم إضافة نزول المطر إلى النوء.، والواجب على الإنسان إذا جاءته النعمة أن لا يضيفها إلى أسبابها مجردة عن الله . بل يعتقد أن هذا سبب محض إن كان هذا سببا، مثال ذلك: رجل غرق في ماء، وكان عنده رجل قوي، فنزل وأنقذه، فإنه يجب على هذا الذي نجا أن يعرف نعمة الله عليه، ولولا أن الله أمر أمرا قدريا وشرعيا أن ينقذك هذا الرجل ما حصل إنقاذ، فأنت تعتقد أن هذا سبب محض.
أما إن غرق ويسر الله له، فخرج، فقال: إن الولي الفلاني أنقذني، فهذا شرك أكبر، لأنه سبب غير صحيح، ثم إن إضافته إليه لا يظهر منها أنه يريد أنه سبب، بل يريد أنه منقذ بنفسه، لأن اعتقاد أنه سبب وهو في قبره غير وارد، ولذلك كان أصحاب الأولياء إذا نزلت بهم شدة يسألون الأولياء دون الله تعالى، فيقعون في الشرك الأكبر من حيث لا يعلمون أو من حيث يعلمون، ثم قد يفتنون، فيحصل لهم ما يريدون عند دعاء الأولياء لا به، لأننا نعلم أن هؤلاء الأولياء لا يستجيبون لهم، لقوله تعالى { إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ َ } (فاطر: من الآية14) وقوله تعالى { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } (الأحقاف: من الآية5) .
السادسة: التفطن للإيمان في هذا الموضع. وهو نسبة المطر إلى فضل الله ورحمته.
السابعة: التفطن للكفر في هذا الموضع. وهو نسبة المطر إلى النوء. فيقال هذا بسبب النوء الفلاني وأشبه ذلك.
الثامنة: التفطن لقوله: (لقد صدق نوء كذا وكذا) وهذا قريب من قوله: (مطرنا بنوء كذا) لأن الثناء بالصدق على النوء مقتضاه أن هذا المطر بوعده، ثم بتنفيذ وعده.