وكذلك ما ذكر من أن الطيرة من السحر، فالطيرة نوع اعتقاد، وكذلك العيافة، وهي شبيهة بها أو بعض أنواعها، كذلك الخط في الرمل ونحو ذلك من الأشياء التي ربما أطلق عليها أنها سحر، وهي ليست كالسحر الأول في الحد والحقيقة ولا في الحكم.... لأن من أنواع السحر، ما هو شرك أكبر بالله -جل وعلا- وهو المراد إذا أطلق: السحر، وهذه هي الحقيقة العرفية، ومنه ما ليس شركاً أكبر.
وفي ألفاظ الشرع أمور يكون المرجع فيها إلى الحقيقة اللغوية، وأمور يكون المرجع فيها إلى الحقيقة العرفية، وأمور يكون المرجع فيها إلى الحقيقة الشرعية، ومن ذلك هذا الباب فإن فيه ما يطلق عليه لغة أنه سحر، وفيه ما يطلق عليه عرفا أنه سحر، وما يطلق عليه شرعا أنه سحر.
والتفريق بين هذه الأنواع مهم؛ ولهذا ذكر الإمام هذا الباب حتى تفرق بين نوع وآخر.
فالحد الذي فيه (( حد الساحر ضربةٌ بالسيف ) )لا ينطبق على كل هذه الأنواع التي ستذكر؛ لأنها سحر لغة، وليست بسحر شرعا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أحمد: حدثنا a بن جعفر، حدثنا عوف عن حيان بن العلاء، حدثنا قطن بن قبيصة عن أبيه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت) (1) .
قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط بالأرض والجبت، قال: الحسن: رنة الشيطان (2) . إسناده جيد ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه، المسند منه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أبو داود: كتاب الطب / باب: في الخط وزواجر الطير، حديث (3907) وضعفه الشيخ الألباني كما في ضعيف أبي داود (842) . والإمام أحمد في المسند (5/60) وأبو داود في السنن (3907) والنسائي في الكبرى كما في (تحفة الأشراف) (8/275) وابن حبان في الصحيح (7/656) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إسناده صحيح) (الفتاوى 35/192) وكذلك النووي في رياض الصالحين (612) .
(2) الإمام أحمد في (المسند) 5/60