فهرس الكتاب
الصفحة 179 من 1408

بوَّب الشيخ (رحمه الله ) بهذا الباب ليدل على أن من تمام الخوف من الشرك، ومن تمام التوحيد أن يدعو المرء غيره إلى التوحيد، فإنه لا يتم في القلب حتى تدعو إليه، وهذه حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله ؛ لأن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله علمت حيث شهد العبد المسلم لله بالوحدانية، بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله ، وشهادته معناها اعتقاده، ونطقه، وإخباره الغير بما دلت عليه، فلا بد -إذن- في حقيقة الشهادة وفي تمامها من أن يكون المرء المكلف الموحد أن يكون داعيا إلى التوحيد؛ لهذا ناسب أن يذكر هذا الباب بعد الأبواب قبله، ثم إن له مناسبة أخرى لطيفة، وهي أن ما بعد هذا الباب هو تفسير للتوحيد وبيان أفراده، وتفسير للشرك وبيان إفراده، فتكون الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله والى التوحيد دعوة إلى تفاصيل ذلك، وهذا من المهمات؛ لأن كثيرين من المنتسبين للعلم من أهل الأمصار يسلمون بالدعوة إلى التوحيد إجمالا، ولكن إذا أتى التفصيل في بيان مسائل التوحيد، أو جاء التفصيل ببيان أفراد الشرك، فإنهم يخالفون في ذلك وتغلبهم نفوسهم في مواجهة الناس في حقائق إفراد التوحيد وإفراد الشرك.

إذن فالذي تميزت بها هذه الدعوة -دعوة الإمام المصلح رحمه الله - أن الدعوة فيها إلى شهادة أن لا إله إلا الله دعوة تفصيلية، ليست إجمالية، أما الإجمال فيدعو إليه كثيرون، ممن يقولون: نهتم بالتوحيد، ونبرأ من الشرك، لكن لا يذكرون تفاصيل ذلك، والذي ذكره الإمام-رحمه الله - في بعض رسائله أنه لما أراد عرض هذا الأمر يعني: الدعوة إلى التوحيد على علماء الأمصار قال: وافقوني على ما قلت، وخالفوني في مسألتين: في مسألة التكفير، وفي مسألة القتال، وهاتان المسألتان سبب المخالفة -مخالفة أولئك العلماء للشيخ- لأنهما فرعان ومتفرعتان عن البيان والدعوة إلى أفراد التوحيد، والنهى عن أفراد الشرك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام