الثالثة: إحباط عمل من لم يؤمن به. تؤخذ من قول ابن عمر: (لو كان لأحدهم مثل أُحد ذهبا ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله منه حتى يؤمن بالقدر) ، ويتفرع منه ما ذكرناه سابقا بأنه يدل على أن من لم يؤمن بالقدر فهو كافر، لأن الكافر هو الذي لا يقبل منه العمل.
الرابعة: الإخبار أن أحدا لا يجد طعم الإيمان حتى يؤمن به. أي: بالقدر، وهو كذلك، لقول عبادة بن الصامت لابنه: يا بني ! إنك لن تجد طعم الإيمان... الخ
وقد سبق الإيمان بالقدر يوجب طمأنينة الإنسان بما قضاه الله - - عز وجل - - ويستريح، لأنه علم أن هذا الأمر لابد أن يقع على حسب المقدور، لا يتخلف أبدا، (ولا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، لأن لو تفتح عمل الشيطان(1) ، ولا ترفع شيئا وقع مهما قلت.
الخامسة: ذكر أول ما خلق الله . ظاهر كلام المؤلف: الميل إلى أن القلم أول مخلوقات الله ، ولكن الصحيح خلافه، وأن القلم ليس أول مخلوقات الله ، لأنه ثبت في (صحيح البخاري) : (كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر مقادير كل شيء) (2) ، وهذا واضح في الترتيب، ولهذا كان الصواب بلا شك أن خلق القلم بعد خلق العرش، وسبق لنا تخريج الروايتين، وأنه على الرواية التي ظاهرها أن القلم أول ما خلق بالنسبة لما يتعلق بهذا العلم المشاهد، فهو قبل السماوات والأرض، فتكون أوليته نسبية.
السادسة: أنه جرى بالمقادير في تلك الساعة إلى يوم قيام الساعة. لقوله في الحديث:
(فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة)
وفيه أيضا من الفوائد توجيه خطاب الله إلى الجماد، وأنه يعقل أمر الله ، لأن الله وجه الخطاب إلى القلم ففهم واستجاب، لكنه سأل في الأول وقال: (ماذا أكتب؟) .
(1) سبق تخريجه.
(2) البخاري: كتاب التوحيد / باب وكان عرشه على الماء.