القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب، هذا لا بأس به، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربها) (1) ، وأما لفظ (ربتها) (2) ، فلا إشكال فيه لوجود تاء التأنيث فلا اشتراك مع الله في اللفظ، لأن الله لا يقال له إلا رب، وفي حديث الضالة - وهو متفق عليه - (حتي يجدها ربها) (3) وقال بعض أهل العلم-: إن حديث الضالة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل، فليست كالإنسان، والصحيح عدم الفارق، لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة، قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ } [الحج: 18] ، وقال في الناس: { وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ } ليس جميعهم: { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ } (الحج: 18) ، وعلى هذا، فيجوز أن تقول: أطعم الرقيق ربه، ونحوه...
القسم الثالث: أن تكون الإضافة إلى ضمير المتكلم، بان يقول العبد: هذا ربي، فهل يجوز هذا؟
قد يقول قائل: إن هذا جائز، لأن هذا من العبد لسيده، وقد قال تعالى عن صاحب يوسف: { إنه ربي أحسن مثواي } (يوسف: 32) ، أي: سيدي، ولأن المحذور من قول { ربي } هو إذلال العبد، وهذا منتف، لأنه هو بنفسه يقول: هذا ربي.
(1) البخاري: كتاب الإيمان / باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والاسلام والاحسان حديث (50) ، ومسلم: كتاب الإيمان / باب بيان الإيمان والاسلام والاحسان حديث (9) .
(2) البخاري: كتاب تفسير القرآن / باب قوله (إن الله عنده علم الساعة) ، ومسلم: كتاب الإيمان / باب بيان الإيمان
(3) البخاري كتاب اللقطة / باب ضالة الغنم، حديث (2428) ، ومسلم: كتاب اللقطة، حديث (1722)