قوله: (ومن لم يرض، فليس من الله ) أي: من لم يرض بالحلف بالله إذا حلف له، فليس من الله ، وهذا تبرؤ منه يدل على أن عدم الرضا من كبائر الذنوب، ولكن لابد من ملاحظة ما سبق، وقد أشرنا أن في حديث القسامة دليلا على أنه إذا كان الحالف غير ثقة، فلك أن ترفض الرضا به، لأنه غير ثقة، فلو أن أحدا حلف لك، وقال: والله، إن هذه الحقيبة من خشب. وهي من جلد، فيجوز أن لا ترضى به لأنك قاطع بكذبه، والشرع لا يأمر بشيء يخالف الحس والواقع، بل لا يأمر إلا بشيء يستحسنه العقل ويشهد له بالصحة والحسن، وإن كان العقل لا يدرك أحيانا مدى حسن هذا الشيء الذي أمر به الشرع، ولكن ليعلم علم اليقين أن الشرع لا يأمر إلا بما هو حسن، لأن الله تعالى يقول: { ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } (المائدة: 50) فإذا اشتبه عليك حسن شيء من أحكام الشرع، فاتهم نفسك بالقصور أو بالتقصير، أما أن تتهم الشرع، فهذا لا يمكن، وما صح عن الله ورسوله، فهو حق وهو أحسن الأحكام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه مسائل:
الأولى: النهي عن الحلف بالآباء.
الثانية: الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى.
الثالثة: وعيد من لم يرض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه مسائل:
الأولى: النهي عن الحلف بالآباء. لقوله: (لا تحلفوا بآبائكم) ، والنهي للتحريم.
الثانية: الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى. لقوله: (ومن حلف له بالله، فليرض) ، وسبق التفصيل في ذلك.
الثالثة: وعيد من لم يرض. لقوله: (ومن لم يرض، فليس من الله ) .
الرابعة: ولم يذكرها المؤلف: أمر الحالف أن يصدق لأن الصدق واجب في غير اليمين، فكيف باليمين؟
وقد سبق أن من حلف على يمين كاذبة أنه آثم، وقال بعض العلماء: أنها اليمين الغموس.
وأما بالنسبة للمحلوف له، فهل يلزمه أن يصدق أم لا؟
المسألة لا تخلو من أحوال خمس:
الأولى: أن يعلم كذبه، فلا أحد يقول: إنه يلزم تصديقه.