قوله في الحديث: (لا تحلفوا) . (لا) : ناهية، ولهذا جزم الفعل بعدها بحذف النون، و (آباؤكم) : جمع أب، ويشمل الأب والجد، وإن علا فلا يجوز الحلف بهم، لأنه شرك، وقد سبق بيانه.
قوله - صلى الله عليه وسلم: (من حلف بالله، فليصدق، ومن حلف له بالله، فليرض) هنا أمران:
الأمر الأول: للحالف، فقد أُمر أن يكون صادقا، والصدق: هو الإخبار بما يطابق الواقع، وضده الكذب، وهو: الإخبار بما يخالف الواقع، فقوله: (من حلف بالله، فليصدق) ، أي: فليكن صادقا في يمينه، وهل يشترط أن يكون مطابقا للواقع أو يكفي الظن؟
الجواب: يكفي الظن، فله أن يحلف على ما يغلب على ظنه، كقول الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني. فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثاني: للمحلوف له، فقد أمر أن يرضى بيمين الحالف له.
فإذا قرنت هذين الأمرين بعضهما ببعض، فإن الأمر الثاني ينزل على إذا كان الحالف صادقا، لأن الحديث جمع أمرين: أمرا موجها للحالف، وأمرا موجها للمحلوف له، فإذا كان الحالف صادقا، وجب على المحلوف له الرضا.
فإن قيل: إن كان صادقا فإننا نصدقه وإن لم يحلف؟.
أجيب: أن اليمين تزيده توكيدا.