فهرس الكتاب
الصفحة 1041 من 1408

قوله: { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ الله ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا } أخذ بعض أهل العلم من هذه الآية أن لفظ (المعرفة) ، يستعمل في القرآن وفي السنة غالبا، فيما يذم مِنْ أخذ المعلومات كقوله -جل وعلا-: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } (البقرة: من الآية146) وكقوله في هذه الآية: { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ الله ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا } وهذا على جهة الأكثرية، وإلا فقد وردت أن المعرفة بمعنى العلم، كما جاء في صحيح مسلم في حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذا إلى اليمن، قال له: (إنك تأتي قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه.. أن يعرفوا الله ، فإن هم عرفوا الله ) ، فهذا يدل على أن بعض من روى الحديث من التابعين، جعل المعرفة بمعنى العلم، وهم حجة في هذا المقام، فيدل على أن استعمال المعرفة بمعنى العلم لا بأس به.

وهذا الباب معقود لألفاظ يكون استعمالها من الشرك الأصغر؛ ذلك أن فيها إضافة النعمة إلى غير الله ، والله -جل وعلا- قال { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله } (النحل: من الآية53) وهذا نص صريح في العموم؛ لأن مجيء النكرة في سياق النفي، يدل على العموم ظهوراً، فإن سُبِقَت النكرة بـ (من) دلت على العموم نصاً، والتنصيص في العموم معناه أنه لا يخرج شيء من أفراده، فدلت الآية على أنه لا يخرج شيء من النعم، أيا كان ذلك الشيء صغيرا كان، أو كبيرا، عظيما، أو حقيرا لا يكون إلا من الله -جل وعلا- فكل النعم صغرت، أو عظمت هي من الله -- جل جلاله -- وحده.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام