والواجب على العباد، من أهل هذه الملة أن يوحدوا الله -جل وعلا- في أسمائه وصفاته، ومعنى توحيد الله في أسمائه وصفاته أن يتيقن، ويؤمن بأن الله -جل وعلا- ليس له مثيل في أسمائه ولا في صفاته كما قال -جل وعلا-: { ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (الشورى: من الآية11) فنفى، وأثبت، نفى أن يماثل الله شيء -جل وعلا- وأثبت له صفتي السمع والبصر.
قال العلماء: قدم النفي قبل الإثبات على القاعدة العربية المعروفة: أن التخلية تسبق التحلية. فيجب أن يخلو القلب من كل براثن التمثيل، ومن كل ما كان يعتقده المشركون الجاهلون من تشبيه الله بخلقه، أو تشبيه خلق الله به، فإذا خلا القلب من كل ذلك، وبرئ من التشبيه والتمثيل، أثبت ما يستحقه الله -جل وعلا- من الصفات، فأثبت هنا صفتين، وهما السمع والبصر.
وسبب ذكر السمع والبصر هنا في مقام الإثبات، دون غيرهما من الصفات، أو دون ذكر غير اسم السميع والبصير من الأسماء؛ لأن صفتي السمع والبصر مشتركة بين أكثر المخلوقات الحية، فجل المخلوقات الحية التي حياتها بالروح والنفس، لا بالنماء، فإن السمع والبصر موجود فيها جميعا، فالإنسان له سمع وبصر وسائر أصناف الحيوانات لها سمع وبصر فالذباب له سمع وبصر يناسبه، والبعير له سمع وبصر يناسبه، وكذلك الطيور والأسماك، والدواب الصغيرة والحشرات، كل له سمع وبصر يناسبه.