فهرس الكتاب
الصفحة 385 من 393

الاعتقاد والشعائر يكفي لاعتبار من يفعله مشركا الشرك الذي يخرجه من عداد المؤمنين ويدخله في عداد الكافرين

إن النص القرآني يسوي في الوصف بالشرك واتخاذ الأرباب من دون الله بين اليهود الذين قبلوا التشريع من أحبارهم وأطاعوه واتبعوه وبين النصارى الذين قالوا بألوهية المسيح اعتقادا وقدموا إليه الشعائر في العبادة فهذه كتلك سواء في اعتبار فاعلها مشركا بالله الشرك الذي يخرجه من عداد المؤمنين ويدخله في عداد الكافرين.

إن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته ولا تقديم الشعائر التعبدية له. اهـ [1]

وفي بيان المناط المكفر في مسألة الطاعة لغير الله تعالى يقول ابن تيمية رحمه الله: وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله اتباعا لرؤسائهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركا وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك، دون ما قاله الله ورسوله، مشركا مثل هؤلاء.

والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتا، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب. اهـ [2]

ومما يجب أن يُعلم أن هذا التشريع قد يتمثل في اختراع حكم جديد ليس له أصل أو في تبديل حكم ثابت قائم، وكل هذا تشريع.

فمن اخترع للناس حكما لم يشرعه الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو

(1) في ظلال القرآن 1642.

(2) مجموع الفتاوى 7/ 70.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام