لم يفعل ما وعدهم به.
فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله من الأمر بعبادته وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأموات وأظهر أنهم على هدى وأن أهل التوحيد مخطئون في قتالهم؛ وأن الصواب في مسالمتهم والدخول في دينهم الباطل.
فهؤلاء أولى بالردة من أولئك الذين وعدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر. اهـ [1]
قلت: فإذا تأملت الآية الكريمة وكلام الشيخ سليمان رحمه الله علمت حكم من والى الكفار ونفذ مخططاتهم في محاولة القضاء على الإسلام والمسلمين وكان اليد التي تبطش بكل من نادى بتحكيم شريعة الله تعالى العادلة في العالمين ودعا إلى ذلك.
فإذا كان من وعد الكفار بالطاعة في بعض الأمر ولَمَّا ينفذ ما وعدهم به يعد كافرا مرتدا بنص الآية الكريمة، فما حكم من دخل فعلا في طاعتهم في بعض الأمر؟ فما حكم من دخل في طاعتهم في كل الأمر وكان منفذا لكل ما يقولون؟ هو كافر لا شك في ذلك.
وإن حكم هؤلاء لا يخفى على أحد ممن ينتسب إلى العلم، ولا يجوز لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعتذر لهم أو يدافع عن أفعالهم أو يسوغ للناس ويحسن أعمالهم بعد هذا البيان الإلهي؛ فمن فعل ذلك فحكمه حكمهم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
(1) الرسالة الحادية عشرة من مجموعة التوحيد / 346: 347.