قال الطبري رحمه الله: قوله {إنكم إذا مثلهم} يعني إن جالستم من يكفر بآيات الله ويُستهزأ بها وأنتم تسمعون فأنتم مثلهم.
يعني: فإن لم تقوموا عنهم في تلك الحال مثلهم في فعله؛ لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويُستهزأ بها كما عصوه باستهزائهم بآيات الله؛ فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتوا منها، فأنتم إذا مثلهم في ركوب معصية الله وإتيانكم ما نهاكم الله عنه. اهـ [1]
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يُكفر فيه بآيات الله ويُستهزأ بها ويتنقص بها وأقررتموهم على ذلك فقد شاركتموهم في الذي هم فيه؛ فلهذا قال تعالى {إنكم إذا مثلهم} ... إلى قوله رحمه الله:
وقوله {إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا} أي: كما أشركوهم في الكفر كذلك يشارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبدا ويجمع بينهم في دار العقوبة والنكال والقيود والأغلال وشراب الحميم والغسلين لا الزلال. اهـ [2]
قلت: فإذا كان الله جل ثناؤه قد حكم على من يجلس مع الكفار وهم يكفرون ويستهزءون بآيات الله تعالى ولم يقم عنهم؛ أنه كافر مثلهم وحكمه حكمهم وسيحشرون محشرا واحدا يوم القيامة.
فما حكم من يذهب إليهم مختارا ويجلس معهم وهم يكفرون بآيات الله تعالى ويستهزءون بها.
وقد جمعوا إلى ذلك التخطيط المستمر لفتنة المسلمين وصدهم عن دينهم واستحلال حرماتهم وصدهم عن سبيل ربهم، والتخطيط ليل نهار للقضاء على دين الله تعالى وشرائعه وأحكامه في الأرض وإحلال القوانين الوضعية الكافرة مكان شريعة
(1) تفسير الطبري، ج 9/ 320: 322.
(2) تفسير ابن كثير، ج 1/ 566: 567. ط دار المعرفة بيروت.