عباد الله إن الإجازة الصيفية على الأبواب ، وما أدراك ما الإجازة الصيفية هي فرصة يهرب فيها الإنسان بنفسه أو مع أهله من حر الصيف اللاهب ، وشمسه المحرقة إلى أماكن يطلب فيها الجو اللطيف ، والمناظر المريحة ، ولا بأس في ذلك . لكن .. لكن العجب كل العجب أن يفر المرء من حر الدنيا المؤقت إلى حر المعاصي المغضبة للملك الجبار ، يفر من بلد يعبد فيه الله إلى بلد يعصى فيه الله ، يفر من جو العفة والطهارة ، إلى جو الفساد والليالي الحمراء ، إلى حيث المرض والإيدز والهربز والسيلان والزهري والعياذ بالله ، يرى في الإجازة تحرر من عبودية الله ليصبح عبداً لشهوته وللشيطان ، يعجب الإنسان من هذا السعي المحموم نحو الهاوية والفساد ، فهذه وكالات السياحة تعلن عن تخفيضات وبرامج شيقة بزعمهم لقضاء الإجازة ، وهذا موظف قد رزقه الله وظيفة ورزقاً يأكله فدخل في جمعية أو أخذ يدخر من مرتبه استعداداً لقضاء الإجازة في بلد فيه فسق وفجور ، وهذا طالب نجح في الامتحانات فكافأه والده بإرساله في سفرة مع زملائه إلى بلد من بلاد الفسق والفجور وما يعلم أنه قد أورده مورد الهلاك ، وتلك زوجة أدخلت زوجها في دوامة من المشكلات لماذا يسافر بيت فلان ونحن لا نسافر ؟ أنت معقد ، أنت بخيل لا تود الإنفاق على ما يسر أهلك ، إن لم تجد فاقترض من أصدقائك وإذا عدنا سددهم ما اقترضنا ، وهكذا ... نماذج تمور في المجتمع بكافة الدرجات والمستويات ، وكل همها أن تقضي الإجازة ولو فيما يغضب رب الأرض والسموات . وأحب أن أقف مع هذه النماذج وقفات:
الأولى: مع من أعد للسفر إلى الخارج وهدفه الفساد ومعصية الله ، نقول له أما علمت أن الذي رزقك هذا المال الذي تُعِدُه لمعصية الله هو الله ، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، أما تخشى أن يسحب الله منك رزقه فتعود عالة تتكفف الناس فلا تجد من يعطيك كسرة خبز تسد بها جوعك ، ولا تجد قطعة قماش تستر بها عورتك ، أما سمعت الملك الديان وهو ينادي في الحديث القدسي فيقول: (( يا عبادي كلكم جائع فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ) )، أما علمت أنك بتصرفك هذا تسعى إلى زوال النعمة عنك أما سمعت قول المنعم المتفضل سبحانه: { وإذ تأذَّنَ ربُّكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } ، أما تخشى وأنت قد حزمت حقائبك وأعددت نفسك لذاك السفر أن يفاجئك ملك الموت يطلبك في رحلة أخرى ، رحلة إلى الموت وسكرته ، إلى القبر وضمته وظلمته ووحشته ، فكيف تقابل ربك ..؟ ما هو عذرك .. ؟
أما خشيت أن يبتليك الله بمرض عضال تبدأ معه رحلة بطيئة إلى الموت ، ويكون فضيحة لك يُنبأ الناس عن ذنبك ، أما تفكرت في زوجتك الطاهرة العفيفة ما ذنبها ، أن تنقل إليها قذارة إثمك وخطيئتك ، ثم أما تخشى أن يسدد دين أعراض الناس التي عبثت فيها من عرضك ، من زوجتك ، أو ابنتك ، أو أختك ..؟