فهرس الكتاب
الصفحة 147 من 477

وهناك السفر لأجل العبادة، كسفر الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ) ). وهناك السفر المندوب: كسفر طلاب العلم بعضهم إلى بعض والالتقاء في منتديات علمية وطرح المسائل العلمية واستفادة بعضهم من بعض، ومنه تخصيص طلاب العلم السفر لزيارة بعض العلماء، للجلوس معهم، والتخلق بأخلاقهم وآدابهم، وتحريك الرغبة للاقتداء بهم، واقتباس الفوائد العلمية من أنفاسهم. وهناك السفر للهرب من بلد حفاظا على الدين، كأن يبتلى المؤمن في بلد ما في دينه، ويؤذى ويضيق عليه، ويلاحق في كل مكان فهذا يخرج ويبحث له عن أرض يعبد فيها ربه ويبلغ دين الله عز وجل، وللمؤمن في هذا قدوة بأنبياء الله ورسله، فغالب أسفارهم كان من هذا الباب، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث هاجر من مكة إلى المدينة بعدما ضيقت قريش الخناق عليه وعلى أصحابه، وصار يراقب في كل مكان، وحصلت الأذية الجسدية لبعض الصحابة، فعندها هاجر المصطفى عليه الصلاة والسلام وترك مكة وهو يحبها، وذهب إلى المدينة ليعبد ربه سبحانه وتعالى. وهناك السفر للهرب من بلد حفاظا على البدن كأن ينتشر مرض في بلد، عفانا الله وإياكم، ويهلك الناس فيرحل عندئذ الشخص حفاظا على حياته وحياة أولاده، أو ترتفع الأسعار في بلد ما يصل إلى درجة أن يتضرر بعض فئات المجتمع في أبدانهم، ولا يتحملون البقاء، فيشرع أيضا لهؤلاء السفر للبحث لهم عن أرض يأكلون فيها لقمة العيش. وهناك السفر من أجل الدعوة إلى الله، كأن يسافر بعض الدعاة خصوصاً في الإجازات إلى داخل البلاد أو خارجها للالتقاء بالناس ونصحهم وإرشادهم في مساجدهم ومجتمعاتهم وإعطائهم بعض أساسيات الدين التي يجهلونها، وإلقاء بعض الخطب في مساجدهم، وفي هذا خير كثير ونفع عظيم بإذن الله عز وجل. وهناك السفر من أجل الفساد وارتكاب الفواحش وهذا أمره واضح ومكشوف، كسفر زرافات من الشباب في الإجازات إلى بلاد معروفة، بعضها مع كل أسف بلاد عربية وأخرى شرقية أو غربية، من أجل ذبح الفضيلة وهتك الستر والخلق وجلب الأمراض، إضافة إلى إضاعة الدين والخلق والمال نسأل الله العافية، وهؤلاء لاشك أنهم إذا رجعوا تعودوا على ما كانوا يمارسونه هناك، فيبحثون عنه هنا، وهم الآن في الغالب سبب انتشار كثير من الجرائم والمخالفات والأمراض في طول البلاد وعرضها وهناك السفر للتجارة، وهناك السفر للعلاج، وهناك السفر للسياحة والتنزه وغيرها من الأسفار. ولي مع هذا الأخير وقفة بمناسبة قرب الإجازة الصيفية وقد حزمت الحقائب ورتبت التذاكر وهو ما اعتاده بعض الناس مع بدأ إجازة المدارس وقدوم حر الصيف السفر للنزهة والسياحة والترفيه عن الأولاد والبحث عن الأماكن الباردة والشواطئ والأنهار وهؤلاء سفرهم لا يخلو من حالتين: أو قل السفر إلى مكانين، إما إلى أماكن مباحة، أو إلى أماكن محرمة. أما المحرم من هذا والمذموم، فهو السفر إلى بلاد الكفار أو إلى بلاد تشبه بلاد الكفار في كثير من

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام