قال ابن كثير: وهذا صحيح. ولا منافاة بين الآية والحديث. لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم، فمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى، وهذا بخلاف مسجد الضرار الذي أسس على معصية الله كما قال تعالى: ' 9: 107 '"والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون". فلهذه الأمور نهى الله نبيه عن القيام فيه للصلاة. وكان الذين بنوه جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجه إلى غزوة تبوك فسألوه أن يصلى فيه، وأنهم إنما بنوه للضعفاء وأهل العلة في الليلة الشاتية، فقال:"إنا على سفر، ولكن إذا رجعنا إن شاء الله"فلما قفل - عليه السلام - راجعاً إلى المدينة، ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعضه نزل الوحي بخبر المسجد، فبعث إليه فهدمه قبل قدومه إلى المدينة.
(ق) : قوله: { فيه } ، أي: في هذا المسجد المؤسس على التقوى.
قوله: { يحبون أن يتطهروا } ، بخلاف من كان في مسجد الضرار، فإنهم رجس، كما قال الله تعالى في المنافقين: { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس } [التوبة: 95] .
قوله: { يتطهروا } ، يشمل طهارة القلب من النفاق والحسد والغل وغير ذلك، وطهارة البدن من الأقذار والنجاسات والأحداث.