فإذن الأحوال عندنا أربعة، إما أن يكون هناك تسمية بالله مع القصد لله -جل وعلا- وحده، وهذا هو التوحيد، وهو العبادة، فالواجب أن يذبح لله قصدا تقربا، وأن يسمي الله -جل وعلا- على الذبيحة، فإن لم يسم الله -جل وعلا-، وترك التسمية عمدا، فإن الذبيحة لا تحل، وإن لم يقصد بالذبيحة التقرب إلى الله -جل وعلا-، ولا التقرب لغيره، وإنما ذبحها لأجل أضياف عنده، أو لأجل أن يأكلها، يعني: ذبحها لقصد اللحم، لم يقصد بها التقرب، فهذا جائز، وهو من المأذون فيه؛ لأن الذبح لا يشترط فيه أن ينوي الذابح التقرب بالذبيحة إلى الله - جل وعلا-.
فالحاصل من الحالة الأولى أن ذكر اسم الله على الذبيحة واجب، وأن يكون قصد الذابح بها التقرب إلى الله إن كان - قد نوي بها تقربا - وهذا مثل ما يذبح من الأضاحي، أو يذبح من الهدي، ونحو ذلك مما يذبحه المرء تعظيما لله - جل وعلا - مما أمر به شرعا، فهذا الذي تذبحه لله، تقصد التقرب به إليه -سبحانه- فهذا من العبادات العظيمة التي يحبها الله -جل وعلا-، وهي عبادة النحر والذبح.
لكن قد يذبح المرء باسم الله ، ولكن يقول: أريدها للأضياف، أو أريدها للحم، يعني للأكل، ولم أتقرب بها لغير الله ، وأيضا لم أتقرب بها لله، فنقول: هذه الحالة جائزة؛ لأنه سمى وقال باسم الله ، ولم يذبح لغير الله ، فليس داخلا في الوعيد، ولا في النهي، بل ذلك من المأذون فيه.
الحالة الثانية: أن يذبح باسم الله ، ويقصد بذلك التقرب لغير الله ، فيقول -مثلا-: باسم الله ، وينحر الدم، وهو ينوي بإزهاق النفس، وبإراقة الدم ينوي التقرب لهذا العظيم المدفون، أو لهذا النبي، أو لهذا الصالح فهذا وإن ذكر اسم الله ، فإن الشرك حاصل من جهة أنه أراق الدم تعظيما للمدفون، وتعظيما لغير الله ، ويدخل في ذلك أيضاً أن يذكر اسم الله على الذبيحة، أو على المنحور، ويكون قصده بالذبح أن يتقرب به للسلطان، أو للملك، أو لأمير ما، كما يحدث عند بعض البادية.