فهرس الكتاب
الصفحة 313 من 1408

فإذن الأحوال عندنا أربعة، إما أن يكون هناك تسمية بالله مع القصد لله -جل وعلا- وحده، وهذا هو التوحيد، وهو العبادة، فالواجب أن يذبح لله قصدا تقربا، وأن يسمي الله -جل وعلا- على الذبيحة، فإن لم يسم الله -جل وعلا-، وترك التسمية عمدا، فإن الذبيحة لا تحل، وإن لم يقصد بالذبيحة التقرب إلى الله -جل وعلا-، ولا التقرب لغيره، وإنما ذبحها لأجل أضياف عنده، أو لأجل أن يأكلها، يعني: ذبحها لقصد اللحم، لم يقصد بها التقرب، فهذا جائز، وهو من المأذون فيه؛ لأن الذبح لا يشترط فيه أن ينوي الذابح التقرب بالذبيحة إلى الله - جل وعلا-.

فالحاصل من الحالة الأولى أن ذكر اسم الله على الذبيحة واجب، وأن يكون قصد الذابح بها التقرب إلى الله إن كان - قد نوي بها تقربا - وهذا مثل ما يذبح من الأضاحي، أو يذبح من الهدي، ونحو ذلك مما يذبحه المرء تعظيما لله - جل وعلا - مما أمر به شرعا، فهذا الذي تذبحه لله، تقصد التقرب به إليه -سبحانه- فهذا من العبادات العظيمة التي يحبها الله -جل وعلا-، وهي عبادة النحر والذبح.

لكن قد يذبح المرء باسم الله ، ولكن يقول: أريدها للأضياف، أو أريدها للحم، يعني للأكل، ولم أتقرب بها لغير الله ، وأيضا لم أتقرب بها لله، فنقول: هذه الحالة جائزة؛ لأنه سمى وقال باسم الله ، ولم يذبح لغير الله ، فليس داخلا في الوعيد، ولا في النهي، بل ذلك من المأذون فيه.

الحالة الثانية: أن يذبح باسم الله ، ويقصد بذلك التقرب لغير الله ، فيقول -مثلا-: باسم الله ، وينحر الدم، وهو ينوي بإزهاق النفس، وبإراقة الدم ينوي التقرب لهذا العظيم المدفون، أو لهذا النبي، أو لهذا الصالح فهذا وإن ذكر اسم الله ، فإن الشرك حاصل من جهة أنه أراق الدم تعظيما للمدفون، وتعظيما لغير الله ، ويدخل في ذلك أيضاً أن يذكر اسم الله على الذبيحة، أو على المنحور، ويكون قصده بالذبح أن يتقرب به للسلطان، أو للملك، أو لأمير ما، كما يحدث عند بعض البادية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام