(تم) : والنصوص في القرآن والسنة دلت على أن البركة من الله -جل وعلا- وأن الله -جل وعلا- هو الذي يبارك، وأنه لا أحد من الخلق يبارك أحدا، قال سبحانه: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ } (الفرقان: من الآية1) يعني: عظم خير من نزل الفرقان على عبده، وكثر ودام وثبت وقال: { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } (الملك: من الآية1) وقال سبحانه: { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاق } (الصافات: من الآية113) وقال: { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً } (مريم: من الآية31) فالذي يبارك هو الله -جل وعلا- فلا يجوز للمخلوق أن يقول باركت على الشيء أو أبارك فعلكم؛ لأن البركة وكثرة الخير ولزومه وثباته إنما ذلك من الذي بيده الأمر، وهو الله - عز وجل -. وقد دلت النصوص في الكتاب والسنة على أن الأشياء التي أحل الله -جل وعلا- البركة فيها قد تكون أمكنة أو أزمنة، وقد تكون مخلوقات آدمية، فهذان قسمان:
القسم الأول: أن الله تعالى بارك بعض الأماكن كبيت الله الحرام، وحول بيت المقدس كما قال سبحانه { الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه } (الإسراء: من الآية1) ومعنى كون الأرض مباركة، أن يكون فيها الخير الكثير اللازم الدائم لها ليكون ذلك أشجع في أن يلازمها أهلها الذين دعوا إليها، وهذا لا يعني أبداً أن يتمسح بأرضها أو أن يتمسح بحيطانها، لأن بركتها لازمة لا تنتقل بالذات.
فبركة الأماكن أو بركة الأرض ونحو ذلك بركة لازمة لا تنتقل بالذات يعني أنك إذا لامست الأرض أو دفنت فيها أو تبركت بها فإن بركتها لا تنتقل إليك بالذات، وإنما بركتها من جهة المعنى فقط.