والكفر كفران: كفر إعراض، وكفر معارضة، والمستهزئ كافر كفر معارضة، فهو أعظم ممن يسجد لصنم فقط، وهذه المسألة خطيرة جدا، ورب كلمة أوقعت بصاحبها البلاء بل الهلاك وهو لا يشعر، فقد يتكلم الإنسان بالكلمة من سخط الله - - عز وجل - - لا يلقى لها بالا يهوى بها في النار.
فمن استهزأ بالصلاة - ولو نافلة -، أو بالزكاة، أو بالصوم، أو بالحج، فهو كافر بإجماع المسلمين، كذلك من استهزأ بالآيات الكونية بأن قال مثلا: إن وجود الحر في أيام الشتاء سفه، أو قال: إن وجود البرد في أيام الصيف سفه، فهذا كفر مخرج عن الملة، لأن الرب - - عز وجل - - كل أفعاله مبنية على الحكمة وقد لا نستطيع بلوغها بل لا نستطيع بلوغها.
ثم أعلم أن العلماء اختلفوا فيمن سب الله أو رسوله أو كتابه: هل تقبل توبته؟ على قولين:
القول الأول: أنه لا تقبل، وهو المشهور عند الحنابلة، بل يقتل كافرا، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة، ويدفن في محل بعيد عن قبور المسلمين، ولو قال: إنه تاب أو إنه أخطأ؛ لأنهم يقولون: إن هذه الردة أمرها عظيم وكبير لا تنفع فيها التوبة.
وقال بعض أهل العلم: إنها تقبل إذا علمنا صدق توبته إلى الله ، وأقر على نفسه بالخطأ، ووصف الله تعالى بما يستحق من صفات التعظيم، وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة، كقوله تعالى: { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا } (الزمر: 53) ومن الكفار من يسبون الله ، ومع ذلك تقبل توبتهم.
وهذا هو الصحيح، إلا أن ساب الرسول - صلى الله عليه وسلم - تقبل توبته ويجب قتله، بخلاف من سب الله ، فإنها تقبل توبته ولا يقتل، لا لأن حق الله دون حق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد إليه بأنه يغفر الذنوب جميعا، أما ساب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإنه يتعلق به أمران: