(تم) : وقاضي القضاة: هو الذي يقضي بين القضاة، تقول: قاضي المسلمين يعني: الذي يقضي بين المسلمين، وقاضي الرياض، يعني: الذي يقضي في الخصومات التي بين أهل الرياض، فقاضي القضاة لفظ حقيقة، معناه: الذي يقضي بين القضاة، وهذا إنما هو لله -- جل جلاله -- فهو الذي يقضي بين العباد، بين القضاة وبين العبيد، فهو قاضي القضاة على الحقيقة -- سبحانه وتعالى -- فيخبر عنه بذلك؛ لأن (( قاضي القضاة ) )، ليست من أسماء البشر، فالذي يقضي بين القضاة هو الله -- جل جلاله --.
والذين أطلقوا هذه التسمية على كبير القضاة، أو على كبير العلماء لا يعنون بها، أن ذاك يقضي بين القضاة، وإنما يعنون بها أنه وصل إلى مرتبة في القضاء، أو في العلم أعلى من درجة القاضي، فصار قاضي القضاة، كما شاع في الزمن المتأخر في الدولة العثمانية أنهم يسمون المفتي شيخ الإسلام، ووكيل المفتي: وكيل شيخ الإسلام وهي تسمية خاصة.
وقد انتشر في بلاد المسلمين عن التسمية بقاضي القضاة، ونحوه، منذ القرن الرابع الهجري إلى أوقات متأخرة قريبة من هذا الزمان، والواجب على العبد ألا يجعل هذه التسمية جارية على لسانه، ولا أن يرضى بها.
وكذلك مالك الأملاك، أو شاهان شاه، يعني: ملك الأملاك لأن فيه تسمية البشر بما يختص بالله، فإن ملك الأملاك هو الله -جل وعلا- والأملاك واسعة، والإنسان إنما يطلق عليه أنه مالك للشيء المعين، وليس مالكا لكل شيء، فالذي يملك كل شيء هو الله وحده، والبشر يملكون بالإضافة بعض الأشياء.
وكذلك المُلْك - بالضم -، وهو: نفاذ الأمر والسيطرة، فإنه يكون في بعض الأرض، وليس في كل الأرض، فالذي يملك يقال له مالك إذا كان يملك مِلكاً، أو مَلِك إذا كان يملك مُلكاً، بمعنى نفاذ الأمر، ويضاف إلى بقعته، فيقال: ملك المملكة العربية السعودية، وملك الأردن، ونحو ذلك.