2-أن الموحدين لهم الأمن وهم مهتدون؛ كما قال تعالى: { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } [الأنعام: 82] .
وقول الله تعالى: { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } الآية [الأنعام: 82] .
قوله: { لم يلبسوا } ، أي: يخلطوا.
قوله: { بظلمٍ } ، الظلم هنا ما يقابل الإيمان، وهو الشرك، ولما نزلت هذه الآية شق ذلك على الصحابة، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: [ليس الأمر كما تظنون، إنما المراد به الشرك، ألم تسمعوا إلى قول الرجل الصالح - يعني لقمان: { إن الشرك لظلمٌ عظيم } ] (1) . والظلم أنواع
1-أظلم الظلم، وهو الشرك في حق الله .
2-ظلم الإنسان نفسه؛ فلا يعطيها حقها، مثل أن يصوم فلا يفطر، ويقوم فلا ينام.
3-ظلم الإنسان غيره، مثل أن يتعدى على شخص بالضرب، أو القتل، أو أخذ مال، أو ما أشبه ذلك.
وإذا انتفى الظلم، حصل الأمن، لكن هل هو أمنٌ كامل؟ الجواب: أنه إن كان الإيمان كاملاً لم يخالطه معصيةٌ؛ فالأمن أمنٌ مطلق، أي كامل، وإذا كان الإيمان مطلق إيمانٍ - غير كامل -؛ فله مطلق الأمن؛ أي: أمن ناقص. مثال ذلك: مرتكب الكبيرة، آمنٌ من الخلود في النار، وغير آمن من العذاب، بل هو تحت المشيئة، قال الله تعالى: { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [النساء: 116] . وهذه الآية قالها الله تعالى حكماً بين إبراهيم وقومه حين قال لهم: { وكيف أخاف ما أشركتم... } إلى قوله: { إن كنتم تعلمون } [الأنعام: 81، 82] ؛ فقال الله تعالى: { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم… } الآية [الأنعام: 82] ، على أنه قد يقول قائلٌ: إنها من كلام إبراهيم ليبين لقومه، ولهذا قال بعدها: { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه } [الأنعام 83] .
(1) البخاري: كتاب الإيمان/ باب ظلم دون ظلم، مسلم: كتاب الإيمان/ باب صدق الإيمان وإخلاصه.