فهرس الكتاب
الصفحة 702 من 1408

(ت) : لما ذكر المصنف ما جاء في السحر أراد هنا أن يبين شيئا من أنواعه لكثرة وقوعها وخفائها على الناس حتى اعتقد كثير من الناس أن من صدرت عنه هذه الأمور فهو من الأولياء وعدوها من كرامات الأولياء وآل الأمر إلى أن عبد أصحابها ورجي منهم النفع والضر والحفظ والكلاءة والنصر أحياء وأمواتا بل اعتقد كثير في أناس من هؤلاء أن لهم التصرف التام المطلق في الملك ولا بد من ذكر فرقان يفرق به المؤمن بين ولي الله وبين عدو الله من ساحر وكاهن وعائف وزاجر ومتطير ونحوهم ممن قد يجري على يده شيء من الخوارق فاعلم أنه ليس كل من جرى على يده شيء من خوارق العادة يجب أن يكون وليا لله تعالى لأن العادة تنخرق بفعل الساحر والمشعوذ وخبر المنجم والكاهن بشيء من الغيب مما يخبره به الشياطين المسترقون للسمع وفعل الشياطين بأناس ممن ينتسبون إلى دين وصلاح ورياضة مخالفة للشريعة كأناس من الصوفية وكرهبان النصارى ونحوهم فيطيرون بهم في الهواء ويمشون بهم على الماء ويأتون بالطعام والشراب والدراهم وقد يكون ذلك بعزائم ورقى شيطانية وبحيل وأدوية كالذين يدخلون النار بحجر الطلق ودهن النارنج وقد يكون برؤيا صادقة فيها وما يستدل به على وقوع ما لم يقع وهذه مشتركة بين ولي الله وعدوه وقد يكون ذلك بنوع طيرة يجدها الإنسان في نفسه فتوافق القدر وتقع كما أخبر وقد يكون بعلم الرمل والضرب بالحصى وقد يكون ذلك استدراجا والأحوال الشيطانية كثيرة وقد فرق الله بين أوليائه وأعدائه في كتابه فاعتصم به وحده لا إله إلا هو فإنه لا يضل من اعتصم به ولا يشقى قال الله تعالى { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون } فذكر تعالى أن أولياءه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هم المؤمنون المتقون ولم يشترط ان يجري على أيديهم شيء من خوارق العادة فدل أن الشخص قد يكون وليا لله وإن لم يجر على يديه شيء من الخوارق إذا كان مؤمنا متقيا وقال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام