ومنها: إخباره أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطي الكنزين، وهما كنز كسرى وقيصر.
ومنها: إخباره بإجابة دعوته لامته في الاثنتين، وهما ألا يهلكها بسنة بعامة، وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم حتى يكون بعضهم يهلك بعضا… إلخ، ومنع الثالثة، وهي ألا يجعل بأس هذه الأمة بينها؛ فإن هذا سوف يكون كما صرح به حديث عامر بن سعد عن أبيه: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل ذات يوم من العالية، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية؛ دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه، ودعا دعاء طويلا، وانصرف إلينا؛ فقال:(سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة؛ فأعطانيها، وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق؛ فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم؛ فمنعنيها) (1) ؛ أي منعني إياها، ومن هذه الآيات التي تضمنها هذا الحديث: إخباره بوقوع السيف في أمته، وأنه إذا وقع؛ فإنه لا يرفع حتى تقوم الساعة، وقد كان الأمر كذلك؛ فإنه منذ سلت السيوف على المسلمين من بعضهم على بعض بقي هذا إلى يومنا هذا.
ومنها: إخباره بإهلاك بعضهم بعضا وسبي بعضهم بعضا، هذا أيضاً واقع.
ومنها: خوفه على أمته من الأئمة المضلين، والأئمة: جمع إمام، والإمام: هو من يقتدى به، إما لعلمه، وإما لسلطته، وإما لعبادته.
ومنها: إخباره بظهور المتنبئين في هذه الأمة، وأنهم ثلاثون، قال ابن حجر: (هذا الحصر بالثلاثين لا يعنى انحصار المتنبئين بذلك؛ لأنهم أكثر من ذلك) .
قلت: فيكون ذكر الثلاثين لبيان الحد الأدنى؛ أي: أنهم لا ينقصون عن ذلك العدد، وإنما عدلنا عن ظاهر اللفظ للأمر الواقع، وهذا - والله أعلم - هو السر في ترك المؤلف رحمه الله العدد في مسائل الباب مع أنه صريح في الحديث.
ومنها: إخباره ببقاء الطائفة المنصورة، وهذا كله وقع كما أخبر.
(1) مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة / باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض حديث (2890) .