وقد شبه بعض العلماء هذا الكتاب بأنه قطعة من صحيح البخاري -رحمه الله- وهذا ظاهر ذلك أن الشيخ -رحمه الله- نسج كتابه هذا نسج الإمام البخاري صحيحه من جهة أن التراجم التي يعقدها، تحتوي على آية وحديث -غالباً- ،والحديث والآية على الترجمة، وما بعدها مُفَسِّر لها، وكذلك ،ما يسوقه -رحمه الله- من كلام أهل العلم من الصحابة أو التابعين، أو من أئمة الإسلام، هو على نسق طريقة أبي عبد الله البخاري -رحمه الله- فإنه يسوق أقوال أهل العلم في بيان المعاني.
وهذا الكتاب صنَّفه إمام الدعوة ابتداءً في البصرة لما رحل إليها، وكان الداعي إلى تأليفه ما رأى من شيوع الشرك بالله -- جل جلاله -- ومن ضياع مفهوم التوحيد الحق عند بعض المسلمين، وما رآه عندهم من مظاهر الشرك الأكبر والأصغر والخفي، فابتدأ في البصرة جمْعَ هذا الكتاب وتحرير الدلائل لمسائله، ذكر ذلك تلميذه وحفيده الشيخ الإمام عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- في المقامات ثم إن الشيخ لما قدم نجدا حرر الكتاب، وأكمله، فصار كتابه هذا -بحق- كتاب دعوة إلى التوحيد الحق ؛ لأن الشيخ -رحمه الله- بيَّن فيه أصول دلائل التوحيد، وبيَّن فيه معناه وفضله، كما بيَّن فيه ما يضاده، والخوف من مما يضاده، وبيَّن -أيضاً- أفراد توحيد العبادة، وأفراد توحيد الأسماء والصفات إجمالا، واعتنى ببيان الشرك الأكبر والأصغر وصورهما والذرائع المؤدية إليهما، وبيَّن ما يحمى به التوحيد،والوسائل إلى ذلك، وبيَّن أيضا شيئا من أفراد توحيد الربوبية، فـ (كتاب التوحيد) كتاب عظيم جدا، جدير بأن يعنى به عناية حفظ، ودرس، وتأمل فالعبد محتاج إليه للعمل به ولتبليغ ما فيه من العلم لمن وراءه من الناس ، سواء أكانوا في المسجد، أم في البيت، أم في مقر عمله ،أم في أيِّ جهة أخرى.