الأبصار يعني في الدنيا" (1) ."
3 -قوله - صلى الله عليه وسلم:"تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت" (2) .
وجه الاستدلال به:
أن الحديث صريح في نفي رؤية الله تعالى في الدنيا، وقد خاطب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، فإذا كانت الرؤية الدنيوية منتفية في حقهم فغيرهم من باب أولى (3) .
وأما الأدلة العقلية:
"فمعلوم أن الرؤية تعلق بالموجود دون المعدوم ... وإذا كان كذلك فقد عُلِمَ أن الله تعالى هو أحق بالوجود وكماله من كل موجود؛ إذ وجوده هو الوجود الواجب، ووجود كل ما سواه هو من وجوده؛ وله الكمال التام في جميع الأمور الوجودية المحضة فإنها هي الصفات التي بها يكون كمال الوجود."
وحينئذ فيكون الله - وله المثل الأعلى - أحق بأن تجوز رؤيته لكمال وجوده، ولكن لم نره في الدنيا لعجزنا عن ذلك وضعفنا كما لا نستطيع التحديق في شعاع الشمس، بل كما لا تطيق الخفاش أن تراها، لا لامتناع رؤيتها، بل لضعف بصره وعجزه ..." (4) ."
وقول ابن حجر بأن الأدلة العقلية لا تخلو من دخل وخفاء وأن المعول عليه في إمكانها الأدلة النقلية موافق لقول جماعة من أصحابه الأشاعرة (5) ؛ ولعل ذلك راجع إلى ضعف ما ذكروه منها وكون ما استدل به السلف لا يتأتى على أصولهم.
(1) الرد على الجهمية والزنادقة (ص 95) ، وانظر: كتاب التوحيد لابن خزيمة (2/ 557 - 558) ، شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 513) .
(2) أخرجه مسلم، كتاب الفتن، باب ذكر ابن صياد (4/ 2245) برقم (2931) من حديث بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - به.
(3) انظر: فتح الباري (13/ 96) .
(4) بيان تلبيس الجهمية (1/ 357 - 358) ، وانظر: مجموع الفتاوى (6/ 136) .
(5) انظر: نهاية الإقدام (ص 369) ، غاية المرام (ص 160 - 161) ، شرح المواقف للجرجاني (8/ 128) .