المقابر المسبلة والمقابر المملوكة على ذلك لا يصح؛ لكون هذه العلة، وإن كانت صحيحة إلا أنها ليست هي علة النهي الوحيدة.
3 -أن تحريم البناء على القبور في المقابر المملوكة أولى بالتحريم من البناء عليها في المقابر المسبلة أو الموقوفة؛ لما في تخصيص تلك القبور مع انفرادها عن غيرها من إشعار بتميزها مما يجعل الفتنة بها أحرى.
ولهذا يقول الشيخ سليمان بن عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ-:"أجمع العلماء على النهي عن البناء على القبور، وتحريمه، ووجوب هدمه، لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا مطعن فيها بوجه من الوجوه، ولا فرق في ذلك بين البناء في مقبرة مسبلة أو مملوكة، إلا أنه في المملوكة أشد، ولا عبرة بمن شذ من المتأخرين فاباح ذلك إما مطلقًا، أو في المملوكة ..." (1) .
وأما ما ذكره أن حجر من بطلان النذر بتجصيص القبور فهو موافق لما دلت عليه النصوص الشرعية، وما عليه أهل العلم من المذاهب الفقهية المتبوعة (2) ، إلا أن استثناءه قبور الأنبياء والأولياء من ذلك لا يصح؛ لعدم الدليل على تخصيص النهي بمن هو دونهم، إضافة لكون تحريم تخصيص قبور الأنبياء والأولياء والحكم ببطلان النذر لذلك أولى بالتحريم من غيرها؛ لكون الفتنة بها أشد (3) .
يرى ابن حجر -غفر الله له- كراهة الكتابة على القبور حيث يقول:"يكره تجصيص القبر ... والبناء عليه ... والكتابة عليه للنهي الصحيح عن الثلاثة" (4) .
(1) تيسر العزيز الحميد (ص 332) .
(2) انظر: فتح القدير لابن الهمام (2/ 141) ، المدونة (1/ 189) ، الكافي لابن عبد البر (1/ 183) ، روضة الطالبين، شرح صحيح مسلم (7/ 37، 38) ، المبدع (2/ 273) ، كشاف القناع (2/ 139) .
(3) انظر: المصادر السابقة.
(4) تحفة المحتاج (1/ 433) ، وانظر الفتاوى الفقهية الكبرى (1/ 405) ، فتح الجواد (1/ 244) .