3 -صفة القرب:
يرى ابن حجر -عفا الله عنه- أن قرب الله سبحانهُ وتعالى الوارد في النصوص قرب معنوي لا حقيقي، ويفسره بمزيد الإنعام وعموم المغفرة وجزيل الثواب، حيث يقول في شرحه لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة ..." (1) .
"وإنه أي: الله، ليدنو أي: يقرب من عباده القرب المعنوي المقتضي لمزيد الإنعام عليهم بالمغفرة العامة والثواب الجزيل ..." (2) .
التقويم:
القرب والدنو من صفات الله تعالى الفعلية الاختيارية، الثابتة بدلالة الكتابة والسنة والإجماع.
فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] .
وقوله سبحانه: {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61] .
وقوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] .
ومن السُّنَّة: قوله جل وعلا في الحديث القدسي:"... من تقرب مني شبرًا، تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا، تقربت منه باعًا ..." (3) .
وقوله -صلى الله عليه وسلم-:"أيها الناس: أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، ولكن تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته" (4) .
(1) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (2/ 983) برقم (1348) من حديث عائشة -رضي الله عنها- به.
(2) فتح الإله بشرح المشكاة (ص 232) .
(3) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (4/ 2310) برقم (7405) ، ومسلم، كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها (4/ 2102) برقم (2675) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- به.
(4) أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر (4/ 2076) برقم (2704) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-.