العلم على ذلك حق؛ فإن أهل العلم قد أنكروا كل طواف بغيرها شرع الله التطوُّف به أيًا كان موضعه (1) .
والطواف بالقبور تارة يكون شركًا أكبر مخرجًا من الملة وذلك في حق من أراد بطوافه غير الله تعالى والتقرب إليه كصاحب القبر أو الضريح، وهذا هو الغالب في حال الطائفين بالقبور، وتارة يكون بدعة منكرة وذلك في حق من أراد بطوافه وجه الله والتقرب إليه ظنًا منه أن ذلك مما يتقرب به إلى الله كما يتقرب إليه بالطواف بالكعبة المشرفة، فإن بيّن له خطأ ظنه فأصر عليه كفر (2) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-:"الطواف بالبيت العتيق مما أمر الله به ورسوله، وأما الطواف بالأنبياء والصالحين فحرام بإجماع المسلمين، ومن اعتقد ذلك دينًا فهو كافر، سواء طاف ببدنه أو بقبره" (3) .
ويقول أيضًا:"ليس في الأرض مكان يطاف به كما يطاف بالكعبة، ومن اعتقد أن الطواف بغيرها مشروع فهو شر ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة ... فمن اتخذ الصخرة اليوم قبلة يصلي إليها فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل مع أنها كانت قبلة لكن نسخ ذلك، فكيف بمن يتخذ مكانًا يطاف به كما يطاف بالكعبة؟ والطواف بغير الكعبة لم يشرعه الله بحال ..." (4) .
يرى ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ- تحريم اتخاذ السرج على القبور، وأن ذلك من الكبائر (5) ، وأن قول الشافعية بكراهة اتخاذ السرج على القبور محمول على
(1) انظر: تنبيه الغافلين لابن النحاس (ص 297) ، سير أعلام النبلاء (16/ 264) ، الأمر بالاتباع للسيوطي (ص 183) ، الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (ص 120) ، كشاف القناع للبهوتي (2/ 140) .
(2) انظر: الباعث على إنكار البدع (ص 120) ، مجموع الفتاوى (2/ 308) (27/ 10) ، إغاثة اللهفان لابن القيم (1/ 194) ، تجريد التوحيد المفيد للمقريزي (ص 58) ، أحكام الجنائز للألباني (ص 263) .
(3) مجموع الفتاوى (2/ 308) .
(4) المصدر السابق (27/ 10) .
(5) انظر: الزواجر (1/ 165) .