ولم يكن السلف الأوائل يستعملونه بمعناه الاصطلاحي الذي تعارف عليه من بعدهم.
وأما المتأخرون فقد اصطلحوا على استعمال هذا اللفظ في الدلالة على خوارق الأولياء (1) .
يقول العلامة محمود شكري الألوسي - رحمه الله:"كل من يذكر تعريف الكرامة وحَدَّها يقول: هي خرق الله العادة لوليه؛ لحكمة أو مصلحة تعود عليه أو على غيره" (2) .
وبهذا يظهر أن تعريف ابن حجر - رحمه الله - الكرامة بما سبق لا يخرج عن قول من عرفها من المتأخرين.
بيّن ابن حجر - رحمه الله -الفرق بين الكرامة والمعجزة، فقال:"الذي عليه معظم الأئمة أنه يجوز بلوغها مبلغ المعجزة في جنسها وعظمها، وإنما يفترقان في:"
أن المعجزة تقترن بدعوى النبوة ... والكرامة تقترن بدعوى الولاية، أو تظهر على يد الولي من غير دعوى شيء وهو الأكثر ...
وأن دلالة المعجزة على النبوة قطعية وأن النبي يعلم أنه نبي، ودلالة الكرامة ظنية، ولا يعلم مظهرها أو من ظهرت عليه أنه ولي وقد يعلم ذلك ..." (3) ."
كما بين ابن حجر أيضًا الفرق بين الكرامة وخوارق السحر، فقال:"أما الفرق بين الكرامة والسحر فهو أن الخارق الغير مقترن بتحدي النبوة إن ظهر على يد صالح وهو القائم بحقوق الله وحقوق خلقه فهو الكرامة، أو على يد من ليس كذلك فهو السحر أو الاستدراج ..."
(1) انظر: مجموع الفتاوى (11/ 311) ، شرح العقيدة الطحاوية (2/ 746) .
(2) فتح المنان (ص 413) ، وانظر: لوامع الأنوار البهية (2/ 392) ، تيسير العزيز الحميد (ص 413) ، الدرر السنية (11/ 211) ، فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (1/ 388) .
(3) الفتاوى الحديثية (ص 396 - 400) ، وانظر: فتح المبين (ص 21) ، المنح المكية (3/ 1464) ، فتح الإله (ص 127) .