فهرس الكتاب
الصفحة 297 من 775

النصوص ما يناقض ذلك، لأن تلك النصوص مشكلة ومتشابهة لا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم معناه لا يجوز الاستدلال به، فيبقى هذا المذهب -أعني: مذهب التفويض- سدًّا لباب الهدى والبيان، وفتحًا لباب التأويل والضلال (1) .

وبهذا يتضح أن كلًّا من التأويل والتفويض في نصوص الصفات مجانب للحق، مخالف لمذهب السلف الموافق للكتاب والسنة والعقل الصريح.

الثالث: الرد عليه في زعمه أن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم:

لَمّا كانت طريقة الخلف تخالف طريقة السلف في نصوص الصفات وكان من المتقرر بداهة أن السلف أفضل في الدين، وأصوب في العلم؛ درج المتكلمون على تبرير هذا الاختلاف بكون السلف -رحمهم الله- آثروا السلامة واختاروا الورع والاحتياط على الخوض في التأويل الذي هو الأعلم والأحكم -بزعمهم- ومن ثم تتابعوا على ترديد هذه المقالة: (مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم) (2) ، وكان من أولئك ابن حجر -كما سبق نقله عنه قريبًا-.

وهذه المقالة تجمع بين الجهل بطريقة السلف والضلال بتصويب طريقة الخلف، وهي باطلة من وجوه:

1 -أن هذه المقالة مبنية على ظن فاسد وخطأ ظاهر وهو اعتقاد أن مذهب السلف -رحمهم الله- هو تفويض معاني نصوص الصفات وهذا باطل؛ إذ مذهب السلف إثبات نصوص الصفات واعتقاد ما دلت عليه من المعاني وتفويض كيفياتها لا معانيها، وفرق بين الأمرين (3) .

(1) انظر: درء التعارض (1/ 202، 205) .

(2) انظر: إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل للبدر بن جماعة (ص 93) ، شرح المقاصد للتفتازاني (4/ 50) ، شرح الخريدة البهية لأحمد الدردير (ص 42 - 43) ، تحفة المريد للبيجوري (ص 91) .

(3) انظر: الحموية (ص 204 - 205) ، درء التعارض (5/ 378) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام