وبهذا يتضح خطأ ابن حجر في قصره التفريق بين الكرامة والمعجزة على دعوى النبوة ودلالة كل منهما، وصوابه في التفريق بين الكرامة وخوارق السحر باعتبار حال من وقعت منه.
قرر ابن حجر - رحمه الله - جواز الكرامة ووقوعها، ورد على من أنكرها، فقال:"أنكر جماعة محرومون - كأكثر المعتزلة، وإن وافقهم بعض منا لكن يتعين تأويل كلامه لأن جلالته تأبى أن يرضى بهذا الزيف الذي انتحلوه - جواز الكرامة ووقوعها ..."
ومن أدلة الجواز: أن الوقوع ممكن كالمعجزة، وقدرة الله تعالى شاملة لهما، ولا بدع أن الملك يصدق رسوله بخرق بعض العادات، ثم يفعل مثل ذلك ببعض أتباعه إكرامًا له.
ومن أدلة الوقوع: النص القاطع بما وقع لمريم: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} [آل عمران: 37] ، وفي ولادة عيسى، ولأصحاب الكهف، ولوزير سليمان في عرش بلقيس، ونظائر ذلك ...
والتواتر المعنوي وإن كانت التفاصيل آحادًا في كرامات الصحابة لا سيما فيما وقع لعمر، وعلي، وتوابعهم، ومن بعدهم، إلى زماننا ..." (1) ."
وقد ساق ابن حجر جملة من الكرامات لمن ثبتت ولايته كعمر وعلي (2) - رضي الله عنهما - وبعض من يدعي الولاية كابن عربي وغيره (3) .
التقويم:
ما قرره ابن حجر من جواز الكرامة ووقوعها موافق لما عليه أهل السنة والجماعة (4) .
(1) المنح المكية (3/ 1466 - 1467) ، وانظر: الفتاوى الحديثية (ص 148، 395، 405) .
(2) انظر: الصواعق المحرقة (1/ 293) (2/ 375) .
(3) انظر: الفتاوى الحديثية (ص 397 - 399) ، المنح المكية (3/ 1469) .
(4) انظر: كرامات الأولياء للالكائي (ص 70) ، وما بعدها، شرح العقيدة الطحاوية (2/ 745) ، لوامع الأنوار البهية (2/ 394) ، وللاستزادة: كرامات الأولياء لعبد الله العنقري.