وقول الملائكة للمقبور:"ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟" (1) .
الثالث: التوقف (2) .
والراجح - والله أعلم - قول الجمهور، وهو القول بعموم السؤال لهذه الأمة ولغيرها.
يقول العلامة ابن القيم - رحمه الله - بعد سياقه للأقوال وأدلتها:"الظاهر والله أعلم أن كل نبي مع أمته كذلك [يعني: يسأل عنه كنبينا - صلى الله عليه وسلم - مع أمته] وأنهم معذبون في قبورهم بعد السؤال لهم وإقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة، والله سبحانه وتعالى أعلم" (3) .
وأما ما استدل به القائلون بالخصوصية فإنه لا يعدو أن يكون إخبارًا عن فتنة هذه الأمة، لا عن اختصاصها بها، فلا ينافي ذلك فتنة غيرها (4) .
وعليه فالقول بالتوقف لا وجه له، خلافًا لابن حجر - رحمه الله - إذ الأدلة على العموم ظاهرة، والأدلة التي استدل بها القائلون بالخصوصية لا تعارضها.
3 -عدد الملائكة الموكلين بالسؤال، وأسماؤهم، وصفاتهم، ولغتهم:
عرض ابن حجر - رحمه الله - لعدد الملائكة الموكلين بالسؤال، وأسمائهم، وصفاتهم، ولغتهم فقال:"قول [بعضهم] اسمهما على المذنب: منكر ونكير ... وأما على المطيع: مبشر وبشير."
قال بعض المتأخرين: لم نقف له على أصل، ومقتضى الأحاديث استواء سائر الثاس في اسمهما وهو منكر ونكير كما في حديث عند الترمذي
(1) أخرجه أحمد (42/ 12) برقم (25089) ، وإسحاق بن راهويه (2/ 594) ، وابن مندة في الإيمان (2/ 967) ، والبيهقي في عذاب القبر (ص 41 - 42) برقم (29) ، من طرق عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان، عن عائشة - رضي الله عنهما - به مطولًا.
والحديث صححه المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 267 - 269) ، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (1/ 289 - 290) .
(2) انظر: التذكرة (1/ 229) ، الروح (1/ 363 - 365) ، شرح الصدور (ص 143) ، جمع الشتيت (ص 81) ، لوامع الأنوار البهية (2/ 10 - 11) .
(3) الروح (1/ 365) .
(4) انظر: الروح (1/ 364 - 365) .