فهرس الكتاب
الصفحة 540 من 775

تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) [الأعراف: 143] .

والاستدلال بها من وجوه، منها:

أ - أنه لا يظن بكليم الله ورسوله، وأعلم الناس به في وقته أن يَسأل ما لا يجوز عليه، بل هو من أعظم المحال.

ب - أن الله تعالى لم ينكر عليه سؤاله، ولما سأل نوح عليه السلام ربه نجاة ابنه أنكر عليه سؤاله، وقال: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] .

جـ - أنه تعالى قال: {لَنْ تَرَانِي} ولم يقل: إني لا أُرى، أو لا تجوز رؤيتي، أو لست بمرئي، والفرق بين الجوابين ظاهر.

د - أن الله تعالى قادر على أن يجعل الجبل مستقرًا، وذلك ممكن، وقد علّق به الرؤية، ولا يجوز تعليق المحال بممكن (1) .

2 -قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) } [الأنعام: 103] .

ووجه الاستدلال بها:

أن النفي الوارد في الآية المراد به أبصار أهل الدنيا على أحد القولين في الآية (2) .

يقول الإمام أحمد رحمه الله في تفسيرها:"يعني في الدنيا دون الآخرة؛ وذلك أن اليهود قالوا لموسى: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فماتوا وعوقبوا بقولهم أرنا الله جهرة، وقد سأل مشركو قريش النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أو تأتي بالله والملائكة قبيلًا، فلما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المسألة قال الله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} [البقرة: 108] حين قالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة، فأنزل الله سبحانه يخبر أنه لا تدركه الأبصار أي: أنه لا يراه أحد في الدنيا دون الآخرة، فقال: لا تدركه"

(1) انظر: حادي الأرواح (ص 267 - 269) ، شرح العقيدة الطحاوية (1/ 213) .

(2) انظر: تفسير ابن جرير (5/ 296) ، تفسير ابن أبي زمنين (2/ 89) ، تفسير السمعاني (2/ 133) ، تفسير البغوي (3/ 174) ، تفسير ابن كثير (2/ 180) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام