وهذه المسألة إنما حدث الخوض فيها بسبب الإرجاء الذي ظهر في الأمة بفعل أهل الأهواء، ولهذا عد السلف سؤال الرجل عن إيمانه بدعة، وفصلوا في جوابه (1) .
يقول الإمام الأوزاعي رحمه الله لمن سأله عن الرجل يسأل غيره أمؤمن أنت؟:"إن المسألة عما تسأل عنه بدعة، والشهادة به تعمق لم نكلفه في ديننا، ولم يشرعه نبينا، ليس لمن يسأل عن ذلك فيه إمام، القول به جدل، والمنازعة فيه حدث" (2) .
هذا، وجملة أقوال الناس في هذه المسألة ثلاثة:
أحدها: القول بتحريم الاستثناء في الإيمان، وهو قول الجهمية (3) ، والمرجئة (4) ، والماتريدية (5) ، وبعض الأشاعرة (6) .
قالوا: لأن الإيمان شيء واحد يعلمه الإنسان من نفسه، ومن استثنى فقد شك، والشك في الإيمان كفر (7) .
وثانيها: القول بوجوب الاستثناء في الإيمان، وهو قول الكلابية (8) ، وجمهور الأشاعرة (9) .
قالوا: لأن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، وكذلك الكفر هو ما مات عليه الإنسان، أما قبل ذلك فلا عبرة به، وإنما العبرة بالموافاة (10) .
(1) انظر: السنة للخلال (3/ 601) ، الشريعة (2/ 656) ، الإبانة الكبرى، تحقيق: نعسان (2/ 877) ، مجموع الفتاوى (7/ 448) .
(2) انظر: الإبانة الكبرى، تحقيق: نعسان (2/ 882) .
(3) انظر: مجموع الفتاوى (7/ 429) .
(4) انظر: المصدر السابق (7/ 429) .
(5) انظر: التوحيد للماتريدي (ص 388) ، تأويلات أهل السنة (ص 265) ، بحر الكلام (ص 40) .
(6) انظر: أصول الدين للبغدادي (ص 253) .
(7) انظر: المصادر السابقة.
(8) انظر: مجموع الفتاوى (3/ 289) (7/ 430) ، الاستقامة (1/ 150) .
(9) انظر: أصول الدين (ص 253) ، شرح المقاصد (5/ 214) ، المسامرة شرح المسايرة (ص 283) .
(10) انظر: المصادر السابقة.