فهرس الكتاب
الصفحة 602 من 775

فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على عدم وقوعه (1) ، ونازع في ذلك الرّازي وطائفة (2) ، فذهبوا إلى القول بوقوعه، وهو ظاهر البطلان.

وثانيهما: التّكليف بالممتنع لغيره وهو المأمور به الذي علم الله أنه لا يكون أو أخبر أنه لا يكون، وما لا يطاق للاشتغال بضدّه كالتّكليف بالقيام حال الجلوس، والتكليف بعموم التكاليف الشّرعيّة.

فهذا التّكليف به جائز عقلًا وواقع شرعًا بإجماع أهل العلم (3) ، والخلاف فيه إنّما هو من جهة تسميته تكليفًا بما لا يطاق.

فالأشاعرة ومن وافقهم قالوا بصحّة تسميته بذلك (4) .

وأهل السّنّة ومن وافقهم قالوا بعدم صحّة ذلك (5) .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ:"تكليف ما لا يطاق ينقسم إلى قسمين:"

أحدهما: ما لا يطاق للعجز عنه، كتكليف الزَّمِن المشي، وتكليف الإنسان الطّيران ونحو ذلك، فهذا غير واقع في الشّريعة عند جماهير أهل السّنّة المثبتين للقدر ...

والثّاني: ما لا يطاق للاشتغال بضدّه، كاشتغال الكافر بالكفر، فإنّه هو الذي صدّه عن الإيمان، وكالقاعد في حال قعوده، فإنّ اشتغاله بالقعود يمنعه أن يكون قائمًا ... وتكليف الكافر الإيمان من هذا الباب.

ومثل هذا ليس بقبيح عقلًا عند أصدق العقلاء، بل العقلاء متّفقون

(1) انظر: المسودة (ص 71) ، درء التعارض (1/ 63) ، مجموع الفتاوى (8/ 301 - 302) .

(2) انظر: معالم أصول الدين للرازي (ص 85) ، والإرشاد (ص 204) .

(3) انظر: منهاج السنة (3/ 104 - 105) .

(4) انظر: أصول الدين (ص 213) ، الإرشاد (ص 203) ، القضاء والقدر للرازي (ص 307) ، المواقف (ص 330 - 331) ، شرح المقاصد (4/ 296) .

(5) انظر: الانتصار للعمراني (2/ 459) ، مجموع الفتاوى (8/ 298 - 302) ، درء التعارض (1/ 60) ، شرح الطحاوية (2/ 653) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام