وثبت القول بالجبر المنابذ لِمَا جاءت به الشّرائع، فاحذر أن تميل إليه فتزلّ قدمك، ويحق ندمك، واستحضر قوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) } [الأنبياء: 23] (1) .
التّقويم:
التّكليف في اللغة: الأمر بما يشقّ، يقال: كلّفه تكليفًا، إذا أمره بما يشقّ عليه، وتكلّفت الشّيء: تجشّمته (2) .
وفي الاصطلاح: الإلزام بمقتضى خطاب الشّرع.
وخطاب الشّرع قسمان: أمر ونهي، فالأمر: يتضمّن الواجب والمندوب، والنّهي: يتضمّن الحرام والمكروه، والمباح تخيير بينهما (3) .
وتكليف ما لا يطاق ضربان:
أحدهما: التكليف بالممتنع لذاته كالجمع بين النّقيضين، والممتنع عادة كالطيران في الهواء، والممتنع للعجز عنه كنقط المصحف للأعمى.
فهذا اختلف النّاس في جوازه عقلًا على ثلاثة أقوال:
الأول: عدم جوازه، وهو قول المعتزلة (4) .
والثّاني: جوازه، وهو قول أكثر الأشاعرة (5) .
والثّالث: جواز التّكليف بالممتنع عادة وبما لا يقدر عليه للعجز عنه، دون التّكليف بالممتنع لذاته (6) .
وأمّا وقوعه شرعًا:
(1) المنح المكية (2/ 822) .
(2) انظر: تهذيب اللغة (4/ 3175) ، معجم مقاييس اللغة (ص 908) ، الصحاح (4/ 1424) ، لسان العرب (9/ 307) ، القاموس المحيط (ص 1099) .
(3) انظر: شرح مختصر الروضة (1/ 176) ، شرح الكواكب المنير (1/ 483) .
(4) انظر: شرح الأصول الخمسة (ص 396) ، المختصر في أصول الدين ضمن رسائل العدل والتوحيد (1/ 218) .
(5) انظر: الإرشاد (ص 203) ، معالم أصول الدين للرازي (ص 85) ، القضاء والقدر له (ص 307) ، إحكام الأحكام للآمدي (1/ 133) ، المواقف (ص 330 - 331) .
(6) انظر: المسودة (ص 71) ، درء التعارض (1/ 63) ، مجموع الفتاوى (8/ 295، 298) .